مقامة الأحلام :

مشاهدات



صباح الزهيري


نشر المندلاوي الجميل لقطة أسماها لذيذة استلها من رواية ( الهوتة ) للروائية الشامية نجاح ابراهيم تقول : 

(الاحلام هي الوحيدة التي تتسع وتكبر كلما ضاق المكان) , فأحببت ان اسهب له وعنه .


عزيزي المندلاوي الجميل , يقول الحاج زاير الدويج في احدى زهيرياته :

(( من يوم فركَاك جسمي من صدودك عود 

وهيهات عكَبك يسليني نديم وعود 

كلما يتوب الكَلب روحي تكَلي عود 

من حيث بجفاك صارت بالكَلب لوله 

وحياة من بالمهد جبريل اله لوله 

لوما يكَولون واعرف بالحجي لوله 

جنت احجي وياك لاجن بالزبيبة عود)) .


الحياة تدور بلا كلل وملل ,  وترسم أرواحنا بدهشات الفجر والمساءات , وتزرعنا ابتسامات في وجوه مكتظة بـــ : الفقد , الموت , الحب , الخيبة , والحزن أصاب كبد خيبتي , فبت مكتظا بكلها , وذات حلم قلت له : رأيت أن عشقك لها , يعرش فيك , كهمسة تصيبك بدوار الدهشة , وتتلبسك كضوء فريد التكوين ,رد مبسبسا : الواشون كثر , ثم أردف : في أقصى زوايا القلب اخضرت بعض المواجيد , لا تأبه لسلطة الخريف ,لأنها نيسانها الماطر بالمحنة , ونداها المتساقط على أريج الكلمات ,  ولقد آمنتْ بها قبل هذا الشتات .

 

في صمتِ الليلِ ,
وفي أحضانِ الظلامِ السرمدي , حيث ينصهرُ الزمانُ في بوتقةِ الوجود , تتراقصُ الذكرياتُ كأطيافٍ هائمةٍ في رحابِ العدمِ , تبحثُ عن مرفأٍ آمنٍ في أعماقِ الروحِ المتعبة , حيث تتعانقُ النجومُ كأرواحٍ متيمةٍ في حفلٍ سريٍّ بعيدٍ عن أعينِ الفناء , تنبضُ الأرواحُ بخفاياها العميقةِ كينابيعِ الحلمِ المتدفقةِ من رحمِ الخلود , وتبدأ شوارده المنقوعة على عزف منفرد بالنشيج الصامت 
تحت جناحي الليلِ , ذلك العاشق الأبديّ للظلال , تتسربُ من حنايا الظلامِ أسرارٌ ضائعة , تغلفُ الكونَ بعباءةٍ من الأسرارِ المقدسةِ التي لا يطالُها إلا من خاضَ في بحارِ التأملِ العميق , هنا , تُشرقُ شمسُ الروحِ كنجمةٍ أبديةٍ في سماءِ الغيبِ , تحملُ في وهجها الحارقِ وعدَ الأملِ الذي لا يموت , وتضيءُ عتماتِ القلبِ بنورِ حبه الخالد ليحتويها حلمه المتسع . أوراقُ الأيامِ تتساقطُ كالأحلامِ المهشمةِ على مهبِّ الرياحِ الهوجاء , ولكنها تعودُ لتزهرَ في بساتينِ القدرِ الغامض , كزهورٍ تنبتُ من تربةِ السرابِ , تتحدى كلَّ القوانينِ التي تسجن الروحَ في قفصِ الواقع . الرافعي ايضا تأوه قائلا : ((ولم أجنِ ذنبًا غيرَ أنَّي ذو هَوىً وأنَّكَ لي دُونَ الأنامِ مُحَبّب)) , يقول الحلم : مذهل غبش الفجر حين ينسحب بغنج , ويرسمني كانكسار أول خيط الشمس على خد البحر , سرقني سرًا أودعته بحرًا نشف من موجه , وانا الذي ظننتك ترنيمة ناي في قلب ناسكٍ , متخم بصلوات آخر الليل ,حتى موج البحر احتفى بي قبل منك , فامتلكتك المسافات .



تعليقات

أحدث أقدم