مقامة الغضب :

مشاهدات

 

صباح الزهيري 


هذه العبارة من اقتباسات عبد الرحمن منيف في رواية (شرق المتوسط مرة اخرى ) ,

((وصاحب الفكرة يجب أن يتحمل الكثير من أجل توصيل فكرته , ولنا في الأنبياء قدوة , ولا تظن الهدوء الذي تراه في الوجوه يدل على الرضا , لكل إنسان شيء في داخله يهزهُ ويعذبه )) , وقديما قال العَرْجِيُّ: ((وإذا غَضِبتَ فكن وقوراً كاظماً للغيظ تُبصر ما تقول وتسمع ... فكفى به شرفاً تصبُّر ساعة يَرضى بها عنك الإله وتُرفع)) .


قال الشاعر: 

ولم أرَ فضلًا تمَّ إلا بشيمةٍ ............... ولم أرَ عقلًا صحَّ إلا على الأدبِ

ولم أرَ في الأعداءِ حين اختبرتهم....عدوًّا لعقلِ المرءِ أعدَى مِن الغَضَبِ 


وذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله :  ((الغضب جماع الشر, والتحرز منه جماع الخير)) , وكان يقال : وإياك وعزة الغضب فإنها مصيّرتُك إلى ذل الاعتذار. 

غَضِبَ الحبيبُ فهاجَ لي استعبارُ والله لي ممّا أُحاذِرُ جَارُ

يا أيها الرجلُ المعذّبُ قلبهُ أقصِر فإنّ شِفاءكَ الإقصارُ 

نزَفَ البُكاءُ دموعَ عينكَ فاستعر عيناً لغيركَ دمعُها مِدرارُ 

من ذَا يُعِيرُكَ عَيْنَهُ تبكي به ؟ أرأيتَ عيناً للبكا تعارُ 

الحُبُّ أوّلُ مَا يَكُونُ لجَاجة تأتي به وتسوقه الأقدارُ 

حتى إذا اقتحمَ الفتى لُجَجَ الهوى جاءت أُمورٌ لا تُطاقُ كِبارُ .

 

قال لقمان الحكيم : ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان , من إذا رضي لم يخرجه رضاه إلى الباطل, وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق, وإذا قدر لم يتناول ما ليس له , وقال : إن أردت أن تؤاخي رجلاً فأغضبه, فإن أنصفك في غضبه وإلا فدعه , وقال علي بن محمد بن الحسين بن يوسف الكاتب : من أطاع غضبه أضاع أدبه , وكان عبدالله بن عون لا يغضب , فإذا أغضبه رجل , قال: بارك الله فيك , وقد قيل لعبدالله بن المبارك : ((أجمل لنا حسن الخلق في كلمة . قال: لا تغضب )) , وهكذا لكي أحافظ على هدوئي , يتعين عليّ أن أتقبل الأشياء التي لا يمكن تغييرها, وأن تكون لدي الشجاعة لكي أغير الأشياء التي أريد تغييرها, وأن تكون لدي الحكمة التي أستطيع أن أفرق بها بين الحالتين .

 

تقول جيل ليندفيلد بأن ((الغضب شيء خطير , ولكن عدم الغضب وقت اللزوم قد يكون أكثر خطورة )) , وإذا خرج الغضب عن سيطرتك , فأنت أسير هذا الغضب , إنك في حاجة إلى علاقة جديدة مع عواطفك , علاقة تجعلك من يقود هذه العواطف وليس العكس , وكما يقول تيودور روبين بأن (( الشعور بالغضب والتعبير عنه بشكل صحي هو في الواقع نقيض الجنون )) , وكما يقول جوته بأن  (( السلوك مرآة تعكس صورة الشخص)) , وفي كتاب إدارة الغضب , ورد بأنه (( لا أحد يحتمل أن يختنق غضبه بالعادات والتحامل , والغضب قد يكون قوة إيجابية بشرط أن نعبر عنه بحساسية وحسم )) , وكما يقول آن سكيف بأن (( الشخص الوحيد الذي لا يشعر بنار الغضب أو الغيظ تضطرم داخله في لحظة ما هو شخص ليست له مشاعر أو وعي )) . وحسب فيثاغورس كلما تملك الغضب في قلبك أكثر على ما عانيته في الماضي كلما فقدت الفرصة في احتمال حصولك على حب جديد في المستقبل , وعند الغضب يجب أن نمتنع عن أربعة أشياء : الحكم على الآخرين , واتخاذ القرارات , والحديث مع الآخرين , واتخاذ الأفعال , ونختم مع محمود درويش : 

أنا عربي أنا اسم بلا لقب يعيش بفورة الغضب .. جذوري قبل ميلاد الزمان رست وقبل تفتح الحقب .. سجل أنا عربي .


تعليقات

أحدث أقدم