ضرغام الدباغ
كنا نقضي أيام لطيفة حين يزورنا الصديق العزيز المرحوم شفيق الكمالي(أبو يعرب)، نجلس في المقاهي، وأحاديث تسحب أخرى، وتنقضي ساعات، وكان رحمه الله محدثاً بارعاً لا يمل جلوسه، واليوم كتب لي أحد القراء، أن الرفيق صالح مهدي عماش كتب لوزارة الداخلية من موسكو عن سلالة من الأغنام الممتازة شاهدها في الاتحاد السوفيتي، وطلب الرفيق عماش أن نكاثرها في العراق . وهذا يدل ان المسؤولين الرسميين والحزبيين كانوا ينتبهون لكل سانحة ولا تمر فرصة دون اغتنامها .
ذات يوم في برلين، كان الرفيق أبو يعرب الكمالي معي وفي بارك(حديقة) شاهدنا طفلاً ألمانياً ربما في العاشرة أو أقل، يعمل على تصليح كرسي، فاستغرب الرفيق الكمالي، وقلت له أن الأطفال الالمان يتعلمون في المدارس النجارة وصبغ الجدران ، والاعمال الورقية، والعمل على الطابعة، والسباحة، واشياء كثيرة، فاهتم بالامر وكلفني أن ابحث عن هذه المناهج وأن أرسلها له ليعمل ربما على تعميمها في العراق . وتراسلنا حول الموضوع، وكان الكمالي رحمه الله متأثراً بالتجربة ويريد نقلها للعراق، ولكن تبين أن هذا ليس بالأمر السهل، إذ يجب توفير أعداد هائلة من الحرفيين المعلمين وتهيئة ورش في المدارس، ولكنه كان معجباً بالفكرة. ويريد تحقيقها .
الرفيق شفيق الكمالي كان مثقفاً، ومرنا في التعامل السياسي والثقافي، حلو المعشر، له تأثيره على الجالسين ، وكان الرسميين والحزبيين الألمان (في ألمانيا الديمقراطية) يرتاحون له ولطروحاته السياسية ، وأعتقد أن بصمة الكمالي لا يمكن نسيانها بسهولة عند من تعرف عليه من السياسيين والأدباء . الرفيق شفيق الكمالي ، كان مناضلاً ، يمتلك فكراً واسع الآفاق، شاعر له قلب حساس، فناناً (رسام) يعمل أشياء كبيرة بريشة بسيطة ... أبو يعرب كان صديقاً لا ينسى ، لذكراه التي لا تغيب هذه السطور ....تحية كبيرة لك أبو يعرب العزيز.
إرسال تعليق