إضاءة نقدية لقصيدة لن تسقط رايتنا للشاعر لعصام سامي

مشاهدات

 

 

د. حمزه علاوي مسربت


لن تسقط  أبداً رايتنا

وسيعلو صوتُ الحرية

في كلِ الأرضِ  المنسية

ويدمّـرُ أهدافا كبرى

للوغدِ بأرضٍ عربية

لن تسقط أبداً رايتنا

سنعيدُ بناءَ سفينتنا

للأقصى يا أغلى قضية

دمُنا وسنعطي من دمِنا

للأرضِ سيوفًا وهويّة

زَيفٌ صهيونٌ وسيمضي

وستبقى غزةٌ أبدية

فالباطلُ وَهمٌ نعرفهُ:

تلك القوات الهمجية

***

وسيرحلُ هذا الشيطانُ

وسيعلو صوتُ الأحرارْ

فالآتي محتلفٌ جدا

والآتي فَجرُ الثوارْ

والغربُ المجرمُ يقتلنا

بسلاحٍ فتاكٍ وجدارْ

لكنّا اليوم عرفناهم

وأعدنا ترتيب الأفكارْ

***

زلزالُ رجالكِ يا غزةُ

دَوَّى في كل الآفاقْ

وأعاد الماضي للدنيا

شمسًا في كلِ الأحداقْ

أما الصهيونُ فآخره

من عُمر الدنيا أرماقْ

 


يحمل عنوان قصيدة الشاعر (عصام سامي) دلالة النفي التوكيدي ، والأستقبال لأحداث رؤيته البصرية والفكرية ؛ فهو يضع المتلقي في أمر تلتحفه الحيرة ، والمتغيرات لتوقعاته، ويضعه في قراءة تعج بالاهتزازات النفسية، ومحاورة ذاته بعدة تساؤلات . يترك الشاعر فراغا أفقيا في نهاية العنوان، ليملؤه القارىء وفق مايخطر له .


****المقطوعة الاولى****

تجسد الأداة -لن-دلالة القلق الوجودي والتمرد على الواقع . يستخدم الشاعر الثنائية الضدية ما بين السمو، والانهيار، من أجل أن يكون النص في حركة دائبة ، تجعل المتلقي أمام حالة من التأويلات ، وتحريض النص ليبوح باسراره النفسية والفكرية . يتخذ من الراية وسفينتنا تعبيرا مجازيا عن الوطن ، ومن الحرية الانعتاق من شرنقة الأصفاد الأبدية . يخلق الشاعر نقلة مكانية من المحدود إلى اللامحدود - في كل الارض المنسية - ونقلة فكرية من التدنيس إلى التطهير -التحرير ؛ كل هذا يخلق صورة فنية تحمل دلالة التمرد والتحرر . يوظف لفظة -الوغد- للدلالة عن الخبيث ؛ ومن صهيون دلالة تاريخية تعزز بناء الصورة الفنية وايديولوجيتها للقارىء . يتخذ من تكرار الجملة *لن تسقط ابدا رايتنا*حلقة وصل مابين صور النص وانسيابية فهمة من قبل المتلقي . يستخدم- لفظة الأقصى- كدلالة رمزية ذات طابع ديني ، من أجل شحذ همم القارىء ؛ هذا التنوع الصوري للنص يخلق تآلف فكري متنوع جماليا وشعريا، فضلا عن استفزاز المشاعر القلقة، ووضعها على جادة الصواب . يعزز الشاعر وجود شخصيته بلغة -الأنا- الضمير المتكلم ؛ فضلا عن التنوع الإيقاعي المتوازن لأغلب الأسطر الشعرية . يتخذ من اللفظتين -دمُنا ، دمِنا- صورة بلاغية من الجناس اللفظي تغني الإيقاع الموسيقي للنص . يوظف تكرار الحرف -س- لدلالة التوكيد ، الوعد بحصول الفعل ، والانفجار العاطفي . يستخدم الترادف اللفظي مابين الوغد/الهمجي، الزيف /الوهم ، كي يظهر الصورة الفنية بحكم واقعها أما المتلقي ، لقراءة البعد العاطفي والنفسي للشاعر .


*** المقطوعة الثانية *** 

يستمر خطاب الشاعر ما بين الحاضر والمستقبل ؛ مابين مقبل- الأحرار -مدبر- الشيطان ، هذه الثنائية الضدية من الطباق اللفظي تعمل على خلق صورة فنية من الصراع الدرامي ما بين الشر والخير . يلعب الترادف اللفظي -الآتي -دورا فعالا في الإيقاع الموسيقى للصورة الشعرية . ينسلخ الشاعر من قوقعته الذاتية ويتمرد على الواقع المرير ؛ ينشد التغيير، يغادر الصمت ؛ وهذا ما يمنح النص تحولات من الذات إلى الموضوعية . يتواصل الشاعر في توظيف تكرار حرف السين لتعزيز محاكاة الحدث داخل النص، وتحقيق دلالة الانتباة ، وزيادة الجرس الموسيقي للكلمة ؛فهذا التكرار للحرف نابع من وعي الشاعر لما يحمله من طاقة نفسية وشعورية .


***المقطوعة الثالثة***

يخلق الشاعر توافقا وتناغما بين الدلالات الزمانية ، المكانية والصوتية ، لبناء صورة شعرية تحرك أحاسيس المتلقي من خلال توظيفه لمفردات ؛ زلزال ، يدوي، الماضي ، العمر، وغزة . يتخذ من تكرار-الدنيا-دلالة استمرارية الحياة ؛ رافضا فنائها ، ناشدا بقائها. يجعل من الماضي دلالة تاريخية ؛ ومن الشمس دلالة الوجود، وهذا مايجسد ثنائية الغائب والحاضر/الحياة -اشراقة الشمس، والارماق /الموت والزوال - صهيون . حقق الشاعر تلاقح الرؤية البصرية السمعية ؛ وتمظهر الفضاء الدلالي -المجاز والحقيقة، والايديولوجي ، فضلا عن جمالية فضاء النص من خلال تبويبه الى مقطوعات شعرية ، ووجود التنقيط كعلامات سيمائية-***- تنعش القراءة البصرية للمتلقي. تمركز النص على الحوار بين متكلم -الشاعر- ومخاطب -غزة- وهذا ما يعزز اسلوب الالتفاف البلاغي .

 


 

تعليقات

أحدث أقدم