مقامة زمن بنات آوى

مشاهدات

 


صباح الزهيري 


نشر احد الأصدقاء صورة أبن آوي على صفحته تعبيرا عن تذمره من زمن النفاق وألأنتهازية وغمط الحقوق , مما أوحى لي بتسطير هذه المقامة :


قال الشاعر: (( صلّى وصامَ لأمرٍ كانَ يطلبُه ُ/لمّا انقضى الأمرُ , لا صلّى ولا صاما)), وقال تعالى ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ  الْمُبِينُ))سورة الحج . وقد اشتهر إيليتش راميريز سانشيز المعروف باسم (كارلوس) بإسم (ابن آوى) وكان يعرف لمدة طويلة بـ(الإرهابي رقم 1) وخاصة في فرنسا, وفي قصص الأطفال غالبا مانجد حكايات عن ابن آوى الذكي والمراوغ والمخادع ,ويعتبر إبن آوي او الواوي كما يسميه اهل العراق من المخلوقات الانتهازية بجدارة , وعنده قدرة غير عادية على التكيف مع البيئة المحيطة به, ولعل هذا أحد أهم الأسباب وراء انتشاره بشكل كبير وبأعداد ضخمة حول العالم , فعلى عكس معظم الحيوانات التي تتأثر بالزحف العمراني وتدمير الإنسان للبيئة الطبيعية التي تعيش الحيوانات فيها, أعداد بنو آوى مازالت تتزايد وبعيدة كل البعد عن كونها مهددة بخطر الإنقراض. ومن اسماء ابن آوى الواوي, وابو الحصين , وابو الويو , وابو كعب ,والحصيني وفي ايام مابعد 2003 ومع سريان الزمان ألأميركي بكل قيمه وعقده أصبح العراق مليئا بالواوية , وأصبحنا نستذكر امثالا قديمة من أزمان ماضية , كأن نقول : ((الف دجاجة ببطن واوي, أو شردانه بحلك واوي, وواوي الدجاج ينام وذيله في القفص, وعرس واوية, وكالوله للواوي هالليلة تنام وية الدجاج كال اخاف ينكروني, وكل زور به واوي.....الخ)).


وعندما صحونا على أحتلال بلدنا, وبدأنا نرى انواعا غريبة من الواوية وبدأنا نتسائل , من هؤلاء ؟ ومن اين جاءوا؟, من شرقنا أم من غربنا, من الشمال او الجنوب, انهم غرباء عن لهجتنا وسمرتنا وعاداتنا وفلكلورنا , غرباء عن تقاليدنا وحميد موروثاتنا, لكنهم مدربون بكل مواهب الخدعة والأحتيال, اقنعوا بسطاء الناس, وجندوا مغفلي المجتمع المظلوم, في الجنوب والوسط بشكل خاص , استقر الفأس في الراس, وأشعلوا حرائق الفتن الطائفية, وأصبحوا (صمام أمان) بقدرة قادر , هم وحدهم, يشكلون حكومات ويسقطون أخرى , لمعوا صورتهم بالمظاهر والألقاب , شيوخ بعمامات من كل الألوان وسماحات وآيات عظام , شكلوا لهم احزاب وتيارات وميليشيات, للخطف والقنص والقتل الجماعي, تكفير وقتل لمن (يريدون وطن), ولكل انسان في الكون يدعو أن يختار رب له ليعبده بكامل الأيمان , في السماء كان او بقرة في بابه, شرط الا يؤذي الآخر. وبدأت نبوءة غسان كنفاني تتحقق حين قال : ((ستصبح الخيانة فى يوم من الايام مجرد وجهة نظر)), حتى غدونا نخاطب الأموات, ونحاول أعادة الحياة لجيل معوّق نفسيا , ومضطرب سلوكيا , ومضلل فكريا , ومرهون عاطفيا , ومؤديَن إنفعاليا, ان قصة توبة ابن آوى الشهيرة تذكرنا بتوبة البعض ودخولهم العملية السياسيّة ليس ايماناً منهم بالتغيير بقدر ما ارادوا ان ينقضّوا على هذه العملية في ساعة الصفر المرسومة لهم يساعدهم في ذلك محيط جلّ همّه افشال تجربة العراق الديمقراطي , حيث اعلن بعضهم عن نواياه الحقيقية التي تقف وراء انخراطه في العملية السياسية وعاد عن التوبة الكاذبة , لم تكن توبة نصوحاً بل هي كما فعل الثعلب ناتجة عن جوع وعن نوايا مبيّتة . قال الشاعر السوري ابراهيم ألأسود :

 

((سقط ابنُ آوى, في النهار, على الحظيرةِ من عُلُوِّ

فاحتار أصحاب الجلالة والفخامة والسموِّ

عُقِد اجتماعٌ, للتداولِ, والتشاور والتَرَوّي

بثّوا بياناً فيه إجماع التصدّي للعدوِّ

قَلِق ابنُ آوى غير أنه ليس من عشرين بَوِّ

لكنما لغرابة التهديد بالصمت المُدَوّي)) .

تعليقات

أحدث أقدم