عشرون عاما بين مقاومتنا ومقاولتهم

مشاهدات


 

د. محمود خالد المسافر 


جلب انتباهي بعض صفحات الفيسبوك المملوءة بصور غزة وصور مقاومتها البطلة ، وكان أصحاب هذه الصفحات من أشد المنتقدين لسياسة النظام العراقي الوطني قبل احتلال العراق في دعمه للقضية الفلسطينية . وأتذكر أحد أصحاب هذه الصفحات حينما كنت اناقشه بالأمر، قبل عشرين عاما، وكان يردد "أن أموال العراق من حق العراقيين وليست من حق صدام حسين ليهبها لغير العراقيين". كان ذلك اعتراضا منه على المنحة التي أمر بها الرئيس الراحل صدام حسين رحمه الله للشهداء والجرحى الفلسطينيين . وحين انطلقت المقاومة العراقية البطلة التي اذلّت المحتل الامريكي كان رأيه أنها ليست مقاومة وانما إرهابا "سنيا"، وعندما كنت اقدم له الأدلة على أن المقاومة وطنية وعربية خالصة، أو إسلامية وليست طائفية كان يردد "سوالف" وأكاذيب الإعلام والدعاية السوداء الأميركية والايرانية . وأكثر ما كان يغيضه أن دماء بعض الفلسطينيين امتزجت مع دماء العراقيين في عمليات المقاومة البطلة ضد العدوان الأميركي الغاشم. وظل يردد أن العراقيين تعبوا من الحروب ولا يريدوا أن يستمروا في قتال لا يجلب لهم إلا الويلات، وأنه لا طريق آخر غير التفاهم مع الاميركان وبناء تجربة ديمقراطية من خلال العملية السياسية التي وضع أسسها الاميركان . 

 

لم يكن هذا الشخص وحيدا في طريقة تفكيره، بل أكثر المنبطحين والمستفيدين والمنافقين والساقطين من قاطرة الوطنية وغيرهم كانوا مثله. ولم نكن نبالي برأيهم لأن موقفنا في دعم المقاومة العراقية الحقيقية نابع من إيماننا المطلق بأحقية شعبنا بالدفاع عن أرضه وعرضه وثرواته . ونابع من التزامنا بديننا الحنيف ومبادئه وقيمه . وكنا نؤمن أن قضيتنا المركزية (فلسطين) اخذت مكانتها في قلوبنا سواء كنا في السلطة أو خارجها. فقد تربينا منذ نعومة اظفارنا على حب فلسطين والايمان بحقنا في إستعادتها ودحر المحتل الأجنبي الجبان . ولذلك فإننا كنا نتندر على اولئك الذين لا يعرفون هذا المعنى فنقول عنهم انهم لم يتلقوا قسطا جيدا من التربية . اليوم  وبعد عشرين عاما من احتلال العراق وبعد أن نكّل العملاء والخونة بفلسطينيي العراق وقتلوا منهم من قتلوا، وهجروا من هجروا، وأخذوا أموالهم وبيوتهم ومقتنياتهم ، ظهروا فجأة ليدافعوا عن فلسطين أو غزة وليحولوا العصابات التي ساهمت في قتل العراقيين والسوريين والفلسطينيين إلى أجنحة (مقاومة) بالأحرى مقاولة . فهم لا يؤمنون بالقضية الفلسطينية وكل ادبياتهم القديمة تقول انها ليست قضيتهم . ولا يؤمنون بالمقاومة ولكنهم يسمون أنفسهم مقاومين أو كما يسميهم اخوتنا اللبنانيون بالمئاومين . يعملون على طريقة ال (Free lancer) إذا أرادتهم إيران ادلّاء للأميركان والصهاينة يكونوا كذلك وإذا إرادتهم مئاومين يكونوا كذلك . 

 

بينما تكون فلسطين دائما في قلوبنا تكون دائما في جيوبهم . لقد عمل اتباع الشيطان الأكبر في واشنطن جنبا إلى جنب اتباع الشيطان الاصغر في طهران في السر والعلن على كسر شوكة المقاومة العراقية الباسلة البطلة "خسئوا" من أجل أن يتسيد الخبيث على أرض العراق العظيم، ومن أجل أن يجعلوا تحرير الأقصى مستحيلا .  مرت عشرون عاما وأصبح الطفيليون المنطبحون الداعمون للعملية السياسية الأميركية الصهيونية مقاومة! وفجأة اضحوا مؤيدين للقضية الفلسطينية ومتحمسون لها ويشتمون من يقف ضدها !. من باب أولى ايها المنافقون أن تُرجعوا للفلسطينيين في العراق أموالهم ، وان تطلبوا من سفاراتكم في الخارج أن تمنحهم جوازاتهم التي توقفتم عن إصدارها. وبدلا من أن تفتعلوا أحداثا لا تنفع الشعب العراقي أرسلوا رسائل تطمئن فلسطينيي العراق ليعودوا الى بلدهم الثاني الذي ولدوا فيه وعاشوا وتعلموا فيه. ولكنكم لن تفعلوا لانكم كذابون وافاقون وادعياء وعملاء صغار للرهبر الساكن في إحدى سراديب طهران .  أن المقاومة وفلسطين صنوان لا يفترقان . وان الذي يؤمن بحقنا في فلسطين ينبغي أن يكون اولا مؤمنا بحق الشعوب في مقاومة الاحتلال. وبعكسه يصبح منافقا ومسلوب الارادة . تحية لرجال المقاومة العراقية الباسلة . وتعسا للمئاولين من اتباع الشيطان الاصغر في طهران . ولا بد للإخوة الفلسطينين أن يعلموا ولو بعد حين ان موقف الرهبر الايراني وميليشياته في العراق واليمن ولبنان من القضية الفلسطينية ليس إلا "عرس واوية".

تعليقات

أحدث أقدم