تحل الذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان وسط انقسام كبير ومعارك تركت أكثر من 7 ملايين سوداني في عداد النازحين سواء داخل البلاد أو خارجها وفي ظل استمرار قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في القتال والابتعاد عن عملية سياسية لإنهاء الأزمة التي اندلعت في أبريل الماضي . خرج كل من البرهان وحميدتي خلال الساعات الأخيرة بخطابين في ذكرى استقلال البلاد عن الاحتلال الإنكليزي، ووجه كل منهما الاتهامات للآخر بالتمرد والخروج عن الحكم الديمقراطي ، وسط أراء بأن الأزمة لن تنتهي قريبا . أنهى قائد قوات الدعم السريع جولة خارجية لدول جوار السودان، حيث زار أوغندا إثيوبيا وجيبوتي، وأوضح حميدتي أنه ناقش خلال تلك الزيارات تطورات الأوضاع في السودان ورؤيته لوقف الحرب والوصول إلى حل شامل . وفي خطابه الاثنين قال حميدتي : "السودان يعيش أسوأ أزمة في تاريخه وشعبه يعاني ... حققت الدعم السريع انتصارات عسكرية كبيرة وواسعة"، داعيا قوات الجيش إلى "الإقرار بالخسارة في الحرب وعليهم التوقف عن القتال وتدمير البلاد". أما البرهان فقد أوضح خلال خطابه، الأحد، أن "الانتصار قريب وسيتم تحرير السودان"، داعيا الدول التي تستقبل حميدتي بالتوقف عن "التدخل في شأننا لأن أي تسهيلات تقدم لقيادة المجموعة المتمردة تعتبر شراكة في الجرم وشراكة في قتل شعب السودان وتدميره". وحققت قوات الدعم السريع خلال الأيام الأخيرة انتصارات بارزة، إذ سيطرت على ولاية الجزيرة المحورية في البلاد، الواقعة جنوبي العاصمة الخرطوم، وكانت مركزا لعمل كثير من المنظمات الدولية . وأسفر تقدم الدعم السريع عن موجة نزوح كبيرة لمئات الآلاف من المواطنين كانوا بالأساس قد نزحوا من الخرطوم بحثا عن الأمان في الولاية .
ما هدف جولة حميدتي؟
وصل قائد قوات الدعم السريع إلى أوغندا، الأربعاء، قبل أن يتوجه منها إلى إثيوبيا وبعدها جيبوتي، والدول الثلاث من أعضاء الهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا "إيغاد"، التي تتبنى مبادرة لتسهيل الحوار بين الأطراف السودانية . واندلعت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل الماضي، وسط توتر بسبب الانتقال من الحكم العسكري إلى المدني. وتشارك الطرفان فيما سبق السلطة عقب الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019 خلال انتفاضة شعبية . وسيطرت قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني عاصمة الجزيرة، في إطار تقدم أشمل تحرزه في غرب السودان وجنوبه، وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن السيطرة على المدينة أفضت إلى فرار ما يصل إلى 300 ألف شخص من المنطقة. وأجمع ميرغني وتورشين على أن سبب آخر للجولة يتمثل بمحاولة استمالة دول الجوار، خاصة قادة منظومة إيغاد، ومقرها جيبوتي .
علاقات تسوء؟
وكانت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم"، أعلنت عقد اجتماع بين وفد بقيادة رئيسها رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وقائد قوات الدعم السريع، الاثنين، في أديس أبابا. ويأتي اللقاء بعد طلب سابق من "تقدم" لكل من البرهان وحميدتي بعقد لقاءات لبحث سبل وقف الحرب في السودان. ولكن لم يتم الكشف إلى الآن عن إجراء لقاء أو عن تفاصيل بشأنه من التنسيقية أو من جانب الدعم السريع . وقال البرهان خلال خطابه ، الأحد، إن "استقبال أي جهة معادية للدولة لا تعترف بالحكومة القائمة يعتبر عداء صريحاً للدولة، ويحق لها أن تتخذ من الإجراءات ما يحفظ سيادتها وأمنها". وتباهى حميدتي في خطابه الأخير بالتقدم الذي حققه والسيطرة على ولاية الجزيرة، ودعا الجيش بقيادة البرهان إلى التوقف عن القتال . ومن جانبه قال البرهان خلال خطابه: "كثرت دعوات لا للحرب والتفاوض والبحث عن السبل والمسالك التي توقف الحرب. نقول إن الطريق لإيقاف الحرب واحد، وهو خروج المليشيا المتمردة من ولاية الجزيرة ومن بقية مدن السودان". ورأى ميرغني أن الحل يجب أن "يكون من المدخل السياسي لأن الحرب بالأساس نشأت بسبب قضايا وخلافات بين الكتل السياسية وكل منها استقطب فيما بعد القوتين العسكريتين"، وأضاف أنه "يجب إيجاد أرضية سياسية ينشأ عليها حل، قد تنطلق بتشكيل حكومة تنفيذية تتوافق على الأطراف في المشهد السياسي". كما أوضح أن حديثه يعني "استبدال الوساطات الدولية والإقليمية بحكومة تنفيذية في السودان متوافق عليها بين الجميع تتولى إدارة ملف الأزمة السياسية ومحاولة الوصول لحل لها".
إرسال تعليق