الإنتخابات وشهادة الزور

مشاهدات




سعد احمد الكبيسي

 

فقد بدأ العد التنازلي للسباق الانتخابي لمجالس المحافظات، والتي ستجري بتاريخ 18/ 12 والانتخابات هي إعطاء الناخب صوته للمرشح لتولي المنصب وهي أمانة شرعية ووطنية وإنسانية . وهي شهادة يؤديها المواطن تجاه المرشح، فمن لا يعطيها للشخص المناسب صاحب الموقف والتاريخ المشرف ، فقد دخل في شهادة الزور والزور هو تحسين الشيء ، ووصفه بغير صفته الحقيقية ، حتى يخيل للسامع أنه الحق، فالكذب زور، وتوسيد الأمر لغير أهله زور، والتدليس عليه وإخفاء عيوبه زور ، ومنافقة المسؤول زور، وإخفاء الحقائق، وكتم الشهادة بالحق زور . 

 

ولو أردنا إحصاء الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتحدث عن الترهيب من شهادة الزور، فلن نستطع لكثرتها مما يدل على أهمية الموضوع ، واهتمام الشارع الحكيم به، وذلك لما يترتب عليه من مفاسد تعود الفرد والمجتمع . ومن الآيات الحكيمة قوله تعالى في وصفه "عباد الرحمن" يقول جل شأنه: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) ، 72 (الفرقان) . 

وقال سبحانه: (وَلاَ تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا، فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عليماً) 283 (البقرة ) .

وقال تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) 140 (البقرة) .

وقال -سبحانه- وتعالى: (وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) 2 (الطلاق) .

وقال تعالى : (فاجتنبوا الرجس مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) 30 (الحج) .

 

هذا الآيات وغيرها في كتاب الله . أما عن الهدي النبوي فهناك أيضًا الكثير من الأحاديث التي حذرت تحذيرًا شديدًا من هذا الأمر وهو شهادة الزور . فعن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه، وسلم "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟" ثلاثًا قالوا بلى يا رسول الله . قال "الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين"، وكان متكئًا فجلس وقال "ألا وقول الزور، ألا وقول الزور" وظل يكررها حتى قلنا ليته سكت. أخرجه البخاري . وعن خريم بن فاتك الأسدي قال: صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الصبح، فلما انصرف قام قائمًا، فقال "عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله -عزَّ وجلَّ- ثم تلا هذه الآية (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ، وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ 30 حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ" مسند الإمام أحمد . وعن أنس قال : سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الكبائر فقال "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وشهادة الزور" أخرجه البخاري . إذن فقد حرم الله -عزَّ وجلَّ- شهادة الزور؛ لكونها سببًا لإبطال الحق، وحرم كتمانها لكونه سببًا أيضًا لضياع الحقوق، وهذه التحذيرات مهمة لكل من يستهين بشهادة الزور، ومنها التصويت الانتخابي . فمن ذهب إلى الانتخابات، وأعطى صوته لمن لا يستحق لكونه من عشيرته أو أقاربه أو صديقه، أو استلم منه مبلغ من المال، أو باع بطاقته، فقد ارتكب شهادة زور، ودخل في الوعيد الشديد والتي يترتب عليها آثار خطيرة وأضرار عظيمة على الفرد والمجتمع ومنها :

 

1- أن يحصل بشهادة الزور تزكية المشهود له وهو ليس أهلاً لذلك، فقد يتولى بها منصبًا يتحكم من خلاله في مصير الناس وهو غير أمين عليه، فيكون كل ما يفعله من ظلم بعد ذلك في رقبة شاهد الزور الذي أوصله إلى مكانه.

2- تبرئة الشخص من الأفعال التي فعلها بشهادة  الزور، وذلك يشجع الآخرين على ارتكاب ما يحلو لهم اعتمادًا على هذة الشهادة ٠

3- ويترتب على شهادة الزور وترشيح الشخص الغير مناسب انتهاك المحرمات، وأكل اموال الناس بالباطل، والغش في العمل مما يؤثر على حياة الناس ومصالحهم ٠

4- فقدان شاهد الزور لصفات الرجولة والمروءة والثقة، كما أنه من يَشهد زوراً فإنه لا يتوانى عن انتهاك حرمات الله تعالى الأخرى


والتصويت لشخص ما لمنصب يعتبر شهادة وتزكية من المصوت لمن صوت له، وهو مسؤول أمام الله عن تلك الشهادة، فيتعين عليه أن لا يعطي صوته إلا لمن علم أنه هو الأصلح والأكثر كفاءة. وأما إن صوت لمن لا يصلح؛ لأنه صديقه أو أقاربه أو جيرانه، أو طلب منه أو نحو ذلك، فإنه يعتبر من الكذب والخيانة وشهادة الزور . فيا أخي الناخب صوتك أمانة فلا تمنحه إلا لمن ترتجي منه أن يؤدي هذه الأمانة، ودع عنك العشائرية والمحسوبية ، ولا يأخذك النسب والقرابة والطمع فالنّاسُ بقلوبهم لا بجيوبهم، وبأخلاقهم لا بمناصبهم . وضع في حساباتك أنك عندما تنتخب، فإنك تضع أساسا لحياة أولادك... اختيارك هو من سيحدد مصير البلد والمحافظة لسنين قادمة ، وربما لعقود وأكثر... وتذكر أن الانتخابات واجب شرعي ووطني وإنساني فهو المتاح والمتيسر الآن لإحداث التغيير.



تعليقات

أحدث أقدم