(الشجاعية)- لَعنة صلاح الدين والأمم الثلاثة في نُفوس الصَهاينّة إلى يوم الدِين ..!!

مشاهدات




د.سعد الدوري 


تقع "الشجاعية" في النصف الشمالي من مدينة غزة .. تَعِّد من أكبر مناطِق (قطاع غَزّة) وبوابته الشرقية .. ويمثّل (حي الشجاعية) أعلى تجمّع سكاني في (غزة) .. يَقطنه أكثر من (150) ألف نسمة ... يبلغُ معدل أفراد الأسرة الواحدة فيها بين 8-16 فرداً . في الواقع وَوِفق المَصادر التأريخية انَّ (لِحَي الشُجاعية) نَصيبٌ عَميق في التأريخ في أسباب تَسميته .. وهي تسميّة لَم تَلِّد مِن العَبث - عام (1239) في هٰذه البُقعة الجغرافية، دارَّت "مَعارِك" ضارِية بين (الأيوبيين وَالصَليبين) .. إنتصر فيها المُسلمون .. فإستقرّ تَسمّيتها في الذاكِرّة والعَقل الإجتماعي العربي الإسلامي الفلسطيني لِحدثين مُتزامِنين مُتداخلين تأريخياً :-

 

الأول - بِسبب حَدث إستشهاد المُسلم المُجاهد - (شجاع الدين عثمان) - "الكردي الأصل" - في تِلك "المَعركة" ..!

الحدث الثاني - إلىٰ ما تَزامُن بَعد إستشهاد المُجاهد (شُجاعة الدين) مِن سَعيّ لِلمُجاهِد (صلاح الدين الأيوبي) لِجَمع أشجع وأفضل وأشرّس أصحابه مِن المُجاهدين لِيسكنُوا هٰذا (الحي) .. والذينَّ أبلوا بلاءاً حَسنا في قِتال "الصليبين" .. فهو حيٌّ تأريخي موروث مِن عُهدّة وفِكر ورؤيا المُؤمن المُجاهد التأريخي (صلاح الدين الأيوبي) …  لِذا قد قَدَرّ الله في أن يكون جَلٌَ سُكانه حتىٰ اليوم مِن أصول (كّرديه وتُركمانية) - لأنّها (أصول) أغلب (المجاهدين) الذين كانوا قد صَاحبُوا "صلاح الدين الأيوبي" في معارِك الجِهاد ضِد الصليبية ..!

 

كما يَعود - السبب - في أن أكبر أحياء "الشجاعية" تُعرف اليوم علىٰ لِسان الفلسطينين (بِحي التركمان) - لكثرة الفلسطينين من الأصول التركية فيها .. وهُم ينتمون لِأُسر عريقة تمتد جُذورها لأباءهم الأوائل الذين صَاحبُوا المُجاهد الكبير (صلاح الدين الأيوبي ) - حُبّاً بِالجهاد - مِن مَنبع (أراضي الجهاد في التاريخ الإسلامي)  - الشَام وبلاد السلجوق والأناضول .. يومئذ كانَّ لا محلّ للإنتساب القومي والعِرقي ولا فارِق في نفوس المُسلمين غير الإنتساب الصادِق للإسلام وجَميع أوطانه دون تَمييّز .. مِن المُثير للإنتباه - أن  نَجد ذات الشُعور في الإنتساب والإنتماء عند "أهل الشجاعية" حتىٰ اليوم .. هو (الإنتساب) - للإسلام والوطن فلسطين لا غَير .. بَل لا تَسمع مِن أي (شُجاعي) إلا أنه فُلسطيني .!! ومن الجدير بالذكر و اللطيف - أن نَستشهِد بِلقاء شخصي لنا مع (أخ فِلسطيني) في الغُربة قبل أعوام مَضت - كان أخبرنا في حديث أنّهُ مِن ( فلسطين غزة الشجاعية) - فَتصادف أن يَجُرنّا الحُوار والمُجاملة - لِنُخبِّره - « فِيه ملامح مِن إخواننا الأكراد»- فإبتسم وأجابَّ بِتواضع - (لِأنني حَقّاً كُردي الأصول) ..!! لكنهُ عادَ وأضاف بِكبرياء وبلهجة فِيها إعتزاز وشموخ - ( أنّهُ يَفتخِّر بِفلسطينيتهِ العَربية) ..!!

 

منذُ ذاك الحين جَذبَّ (أهل الشجاعية) إنتباهنا وأهتِمامَنا - خُصوصاً نحنُ العراقيون مَرِرنا ومازِلنا نَمُّر في تَجرُبة تَشرذُم "عِرقي وقُومي" بائس ومَريرّ يُهدد مَصير وِحدة العِراق الوطن !! فَوَجدنا أنّ حَسبّ (أُصول أهل الشجاعية) - ليس كَالحسبّ المُؤلم (لِتُركمان وأكراد - العِراق وسُوريا وتُركيا - حيثُ إنغرّوا .. فإنجرّوا لِسياسات "فَرِق تسد" القومية والعِرقية الرُومية والفارِسية .!! تَحتضّن (الشجاعية) عِدة مساجد وَمآثر تاريخية .!! (لِحَي الشجاعية) دور مُشرّف وكبير في تأريخ فلسطين وَمعارِكها جمعاً .. حتىٰ عَسكَرّ فيها (نابليون بونابرت) خَشيةً من كُثرة ما سَمعَ عنها مِن بطولات وأمجاد أهلها ..!! بعد أقل من عام من توطَّيد سيطرته علىٰ (مصر) سَعىٰ للإستيلاء علىٰ فلسطين وسوريا (1799م ) .. وبدء من (غزة) وعسكرّ فيها - لأنهُ كان يعتقد أن "مفتاح أمان"(مصر) - (غَزة) .. فقال - « غزة هي المَخفر الأمامي لأفريقيا وباب آسيا » .!! لِذا نَعتقد أن تَمركزه في (الشجاعية) كان كذٰلك إعتقاداً منه - بأن"مفتاح أمان" - غزة والشام - هُو (الشجاعية) ..! ومازالت (لِشجاعية غزة) في أذهان "الغزاة" تاريخ طويل مِن ملاحم الإستبسال والجهاد .. ويَرون أنّهما موروثتان في "جينات" أهلها .. فَكُل مَن أقدمّ ليُسيطر علىٰ الشرق والشام إلتفت إلىٰ ضرورة الفوزِ (بِغزة الشُجاعية) والسَيطرة عَليها أولاً بُغية ضمان إخضاعها .!

 

أنّ (غزّة الشجاعية ) - هي هٰكذا أيضاً في التأريخ الحديث - كانت (أم المقاومة الفلسطينية الضارية) في حرب عام 1967 .. وفي (ك/1 عام 1987) - تحوّلت إلى ساحة مواجهات دامية مع قوات العدو " الإسرائيلي " في معركة عُرِفت بإسمها .! لقد خَلدت (لِلشجاعية) رمزية مُرعِبة ومُخيفة في ذاكرة وعقول "الصهاينة"- لقتال أهلها الشرس عِند المُواجهات المُتكررة معهم .. وبسبب ماجرىٰ علىٰ أيديهم  من حادِث أُسرَ "الجندي الإسرائيلي - "شاؤول آرون" - عام (2014) في (الشجاعية) ..!! وفي "الشجاعية" قُتِل ((العميل الدُرزي - العقيد غسان عليان الصهيوني)) بين عامي 1913-1914 خلال (معارك الشجاعية) حينما كان يترأس قيادة "كتيبة الجُولاني الخاصة" بعدَ إصاباته بِجروح خَطيرة .!! في (الشجاعية) تُوجد - (كتيبة الشجاعية) - وهي من أقوىٰ كتائب "القسّام" .. وَتَحتضنُ (الشَجاعية) الفصائل الفلسطينية كافة .. وكونًها المَعقل لإنطلاقة (منظمة التحرير الفلسطينية) - بِفصائلها المُختلفة .. وهي أرض الولادة لأبرز قادة الفصائل الفلسطينية الحالية .. والقلعة الرئيسية لحركتي "حماس" و"الجهاد ..!! ومَسقط  رأس الكثير من أبطال "الثورة الفلسطينية" وأدباءها وكتابها ومُراسليها الصحفيين وشعراءها.. منهُم الشاعر (مُعين بسيسو) .. لذا "للصهاينة" معها "حسابات خاصة" - إذ يَعتبرُوها "عُقدة إسرائيل"!! لأنّ (الشجاعية) - هي غزّة .. وغزّة هي "الشجاعية" .. وانها أشبه ما تكون لِفلسطين كَقلب المُؤمن الشُجاع في بَدن فارس شجاع أصيل ..! وهي أرقىٰ أراضي المرابِطين التي إختلط عليها - دماء أبناء (الأمم الثلاثة) - (العَرب والترك والكُرد) التي حَملت راية الإسلام عَلىٰ مدىٰ تأريخه المجيد ..!  فهي لَعنة (صلاح الدين الأيوبي) في نُفوس "الصَهاينة" إلى يوم الدين ..!! وَقد يَصحُ القول - أن كُل (قطاع وحَيّ ومحلّة ومُخيم ومدينة) فلسطينية  يحملُ أهلها دماء (الأمم المُسلمة الثلاث) - التي قاتلت علىٰ مدىٰ قرون مِن أجل (القُدس فلسطين) .. عدا "أمة" النَحس التي يَنتمي إليها رأس البؤس والرذيلّة والتَخاذل والتآمر علىٰ (الثورة الفلسطينية) ووحدة الفلسطينين - المدعو - "مَحمُود رِضا عباس" - الذي هو مِن أصول فارسية وأمة فارِس .!!

تعليقات

أحدث أقدم