مشاهدات
محمود الجاف
احذروا أن تقولوا نعم قبل أن تُدركوا معناها وتفهموا أبعادها . فقد كانت مفتاح لأبواب من العذاب والحُزن والشقاء ، بل رصاصة الرحمة للكثيرين الذين قد تكون أعمارهم طويلة ولكنهم أموات في أجساد تمشي على الأرض . سكنوا مُدنًا جميلة وبيوتًا فارهة لكنها كانت أكثر بُؤسًا وظُلمة من المقابر .. فأنجبوا كائنات بشرية خاوية تحمل أمراضاً نفسية تجوب الطُرقات . يرتدون لباس الإحباط والتقليد الأعمى ويكرهون ذاتهُم ويبحثون عن أية هاوية ليلقوا بأنفسهُم فيها . وبنات ضاعوا مع أول ابتسامة قابلتهُم على قارعة الطريق . حياة كلها ألم وفشل وضياع . يَشعر الإنسان من خلالها انهُ غريق . أو يعيش في حريق .
أولياء أمور جهلة . يرتبطون من اجل المُتعة الجنسية التي لايعرفون سواها. يُؤسسون البيوت على شهواتهم التي ما تلبث أن تتحول إلى ما يُشبهُ عالم الحيوان بعد أن زالت منهم المشاعر . أنتجوا سباعاً أو ضباعاً أو بنات آوى لاينتمون للإنسانية بشيء ، وأسواقًا لبيع الإناث والخلاص منهُنَّ خوفًا من العار وكأننا في عصور الجاهلية رغم إنهُم أكثر ثقافة وغيرة ولديهم من القيم ما قضينا حياتنا كلها نفخر بها و ضيعناها .
هل سألتم أنفسكم قبل أن تحكموا على أولادكم بالإعدام أو أطفالهُم في المُستقبل . هل يُناسبان بعضهُما ؟
هل يُمكن أن يُصبحا صديقين ؟
هل بينهُما التكافؤ الديني والأخلاقي والاقتصادي والعلمي والإجتماعي والجسدي؟
هل يَريانِ بعضهُما على الحقيقة أم يُؤدي كلٌ منهُما أدوار الخداع والدجل حتى يُورط الآخر ثم فجأة يكتشف أنهُ لم يكن يعرف هذا الشخص؟
هل سيُحددان حياتهُما ويُقيّمان مسيرة العائلة على أساس من البناء النفسي والعلمي السليم أم إن هُناك من سيقودهما كالدمية ويلعب بمصيرهُما كما يشاء؟
كُل المشاكل تبدأ من غرف النوم
هل يفهمان ما تعني غُرفةُ النوم ؟
هل تعلمون إن بعض الأزواج كالأعداء في فراش واحد . قد لا يجرؤ احدهُم على النظر في وجه الآخر ولكنهُم يكتمون. والأهل ليس لهُم همٌ سوى كيفية الخلاص من البنت ... وإن أخطأت وقررت زيارتهُم بعد زواجها سترى وجوههُم تتغير في اليوم الثاني إن لم يكن بعد سويعات فكيف تفتح فمها وقد وضعتها كلمة ( نعم ) بين نارين؛ البيت والزوج وما تلاقيه. والأهل وماسيتبع إن قررت الانفصال. هذا إن سمحوا لها أن تنطق به على لسانها ... أو قد يكون رجلًا عاش تلك المُعاناة.
لِمَ تتزوجون وتجنون على أولادكُم الذين تُسموهُم فلذات أكبادنا وأنتُم لا تجرؤون على تقبيلهُم إلا في الأعياد خجلًا ؟... كم مرة جلستَ معهُم على انفراد وقلت : أنا مُستعدٌ لسماعكُم إن كان عندكُم ما تَودون إخباري به ؟
كم مرة قُلتَ لزوجتكَ .. أُحِبُكِ ؟
أو تحدثي عما يجول في خاطرك وما تودين أن تُخبريني به من أجل أن نربي أبنائنا بشكلٍ سليم ... أخبريني أيتها الكائن التي كرمك الله وأنزل سورة باسمك ووصى بك من فوق سابع سماء . ثم رسولهُ الكريم صلى الله عليه وسلم فأنا أودُ أن أعاملك كما أمروني ...
من فعل هذا ؟
من سيجلس إلى جوار زوجتهُ الآن ويقول لها تعالي نُقيِّمُ ونقوِّم مسيرة حياتنا لنُطور الايجابيات ونلغي السلبيات حتى يُصبحَ بيتنا أكثر سعادة وحياتنا أجمل ؟
متى نعي أن علينا مسؤوليات كثيرة وأن حُبنا لزوجاتنا أو أولادنا يجب أن نُحولهُ إلى سُلوك ؟ عطف وحنان ومدح وتكريم وابتسامة وصباح ومساء الخير وقبلات واحتضان وإخلاص ووفاء وتجرع الألم والمصائب والمصاعب من أجل أن ينمو الاطفال بشكل سليم ... متى نفهم إننا بشر خطَّاؤون وان الله يغفر للعبد إن زلَّت قدماه وليس من الرجولة أن نقسوا عليهم ؟
لأنك ستدفعهم لاتخاذ بدائل . وتلك هي بوابة الضياع ...
متى نفهم أن معايير البطولة في إهانة المرأة وعدم احترامها وخوف الأطفال والرعب عند سماع صوت الأب يُعدُ خطأ . بل جريمة . وأن هكذا شخصية هي مريضة وليست شجاعة بل هو مُنتهى الجُبن والخسة والفشل ؟
البطولة في بيتك أن يُحبك الجميع ويثقون بك . لا أن يهرب كلٌ منهم يبحث عن زاوية يختبئ فيها عند سماع دويُ أقدامك..
أُكتب في ورقة الآن : الزوج . الزوجة . الابن . البنت . أبي . أمي . أخي . أختي . عمي . خالي . وأولادهم . وطابق سلوكهُم مع مايجب أن يحملوا من صفات ...ستجد أكثرهُم عقارب وليسوا أقارب.
كيف يُمكن لنا أن نحيا في عالم الحيوان ونحن ننتمي إلى الإنسانية ؟
إرسال تعليق