نحو إتفاقية دولية تجرّم إزدراء الأديان ورموزها ..جريمة إحراق شخص معتوه للمصحف الشريف في السويد

مشاهدات


د.أكرم عبد الرزاق المشهداني

استشاري قانوني وأمني



جاءت جريمة إقدام أحد المتطرفين العنصريين على احراق نسخة من المصحف الشريف في السويد، استفزازا وقحا لمشاعر ملياري مسلم، في ظل اقدام السلطات السويدية على منح الاذن لهذا التصرف الاجرامي باعتبار انه (تعبير حر عن الراي) !! رغم ان الاساءة الى القرآن الكريم وتكرار افعال التطاول على الذات الالهية هو مصداق للعدوانية ونشر الكراهية ، ويتعارض مع القيم الاصيلة لحقوق الانسان . ان هذه الجريمة عدا عن كونها تمس مشاعر المسلمين وتتناقض مع مشاعر المحبة والاحترام بين سائر الاديان، فانها تدلل بشكل واضح لا لبس فيه المستوى الاخلاقي الذي انحدرت اليه الحكومات الغربية والنفاق وكذب القيم التي تدعيها وتتمشدق بها . ويجب على حكومات الغرب التي تعاني من عقدة التفوق الحضاري ان تتوقف عن السماح بنشر وتاجيج مشاعر الكراهية بين الشعوب لأنها تنعكس عليها سلبا من خلال نشر الكراهية والتطرف . اننا اذ نعلن رفضنا التام لكل الممارسات البغيضة التي تمس الثوابت والمعتقدات الدينية للمسلمين نؤكد دعوتنا مجددا الى تشريع اتفاقية اممية ملزمة من خلال منظمة الامم المتحدة واستصدار قرار دولي يدين ويجرّم الاعتداء على الأديان والأنبياء ونطالب هيئة الأمم المتحدة بمشروع قرار يدين أي دولة أو مجموعة تتعرض للأديان السماوية والأنبياء عليهم الصلاة والسلام . ففي ظل تصاعد الحملات الشرسة والمنسقة، التي تطعن في الدين الإسلامي وتسئ إلى شخص الرسول الأعظم حيث صار نشر الإساءات القبيحة سواء بالقدح أو بالرسوم الكاريكاتورية فرصة لترويج المطبوعات الآيلة للفشل ولزيادة المبيعات. وان قيام الشخص الشاذ المتطرف باحراق نسخة من المصحف الشريف وبحماية ومراقبة افراد الشرطة السويدية في اول ايام عيد الاضحى المبارك  واضح المقاصد والأهداف في سياق الحملة الشرسة للتخويف من الاسلام (الاسلامفوبيا) ، وتشويه صورته، وتنفيساً عن الأحقاد الكامنة في نفوسهم الشريرة. ولما لهذه الإساءات من آثار سلبية على عموم المسلمين، مما قد تدفع البعض إلى إرتكاب أفعال ثأرية غير منضبطة، إنتقاماً ممن تطاولوا على المقدسات، لذا بات من الواجب على المجتمع الدولي أن يسارع لعقد اتفاقية دولية تجرّم إزدراء الأديان والمَسّ بالذات الآلهية والرموز المقدسة لدى عموم الأديان .

 

اساءات متكررة

ان أعداء الأمة يجددون اليوم حقدهم وكراهيتهم المعلنة للاسلام والمسلمين وللانسانية أجمع، باستهدافهم لنبي الرحمة والانسانية بفيلم مسيء للرسول الأكرم من انتاج صهيوني أمريكي ، بعد سلسلة اساءات متكررة للرسول سبقت من سنوات أبرزها الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة والمشينة ، نجد أن أولئك الذين يتذرعون بالديمقراطية لمهاجمة الاسلام ونبي الرحمة هم يتخبطون في الظلام أمام النور المحمدي الذي عم الكرة الأرضية واخرج ساكنيها من الظلام الى النور لتكون رسالته الخالدة محطا لمن أراد التحرر من عبودية العباد الى عبودية رب العباد، الذي كفل لهم حرية وكرامة سمت بانسانيتهم وخلصتهم من ظلم الطواغيت. ان الاساءة المتعمدة للرسول في الفن الزائف الذي يدعيه بعض المعتوهين من الغرب برعاية حكوماتهم وبدعم صهيوني واضح هو رسالة استخفاف بمشاعر مئات الملايين من المسلمين في العالم، وهو صورة علنية من الحرب ضد الاسلام الحنيف بعد أن فشل حلف الشيطان باطفاء نور الله في الأرض. ان قضية اهانة القرآن الكريم صارت خلال السنين الأخيرة عملا ممنهجاً على المستوى العالمي، تسير حسب خطط خصوم الاسلام بعد دراسات وبحوث وتقارير ميدانية عن قداسة القرآن في قلوب المسلمين وازدياد اهتمامهم به حفظا ودراسة، طبعا ونشرا، تعريفا وتفسيرا، خصوصا بعدما وجدوا أن مراكز توجيه المسلمين ــ أحزابا ومؤسسات وشخصيات ــ يستفيدون وبمهارة فائقة في تنشئتهم العقائدية والفكرية والسياسية والاجتماعية من معطيات الحضارة الغربية من تكنولوجيا حديثة كالانترنت وشبكات الاتصال وغيرهما من وسائل مقروءة ومسموعة ومرئية وهم ينظرون الى اتساع مجالات الدعوة بحرقة وألم، كما يرون عودة أبناء أجيال القرن المنصرم المغرر بهم الى الاسلام عقيدة ومنهجا، فكرا وممارسة، دعوة وبناء، وتوجيها للدولة والمجتمع، فالتجأوا الى أساليب صبيانية في الاستخفاف بالاسلام ومقدساته، حتى بدت بداية ظاهرة قد تليها مراحل أشد عدوانا . لقد تنادت جهات كثيرة في العالم الاسلامي، تطالب بسن اتفاقيات وقرارات دولية ملزمة تمنع التطاول على الأديان، كما أن منظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 دولة اسلامية قامت بحملة دبلوماسية للحصول على دعم الأمم المتحدة لحظر ازدراء الأديان بعد أن فشلت في إقناع الغرب، والمؤسف هو موقف دول غربية، تدعي الحرص على حقوق الانسان لم تتجاوب مع دعوات تحقيق الحظر ضد ازدراء الأديان، لأن لدول الغرب فهم غريب وعجيب لحرية التعبير، حتى لو أسيء استخدامها لإيذاء مشاعر الغير وإخافتهم، متناسين أنهم بهذا الموقف الغريب إنما يدعمون الإرهاب ويوفرون له الأرضية والأسباب والدوافع . ففي الوقت الذي باتت دول الغرب تُجرّم اي تكذيب او نفي للمحارق النازية ضد اليهود، وكذلك اي اعتراض ونقد للممارسات الشاذة (المثلية الجنسية).. بينما لا يرون في افعال حرق المصحف والاساءة لرسول الاسلام ورموزه اي ضير بل يرونها حرية رأي!.

 

اجواء الحرية

ان هذه الاساءات سواء من خلال فيلم مسيء ، او كاريكاتير حاقد، وقيام شخص منحرف باحراق المصحف الشريف علنا، من دون سبب سوى الحقد على الاسلام وعلى نبي الاسلام, كلها تعد اساءة للغرب ولاجواء الحرية المتوفرة لديهم ، فضلا عن انها (عمل تحريض ارهابي) لانها تسهم في تاجيج مشاعر الغضب في العالم الاسلامي وفي الغرب نفسه ، وتشجع الحركات المتطرفة على القيام بافعال قد تعد من قبيل الارهاب كردة فعل على تلك التصرفات التي نراها تصرفات ارهابية لانها تثير الكراهية وتؤجج النفوس والمشاعر من اجل الانتقام والثار للقيم وللرموز المقدسة لدى ملياري مسلم في شتى بقاع العالم . وقد شهد العالم ردّات فعل في مختلف البلدان الاسلامية بل وفي بلدان الغرب نفسه، من اناس حرَّكتهم عواطف ومشاعر الأستفزاز، تجاه تلك التصرفات المجنونة اللامسؤولة من قبل من ارادوا الاساءة للاسلام وللقران الكريم، وهم يعرفون جيدا اثار هذه الافعال، وتاثيرها في الشحن العاطفي، وتاجيج مشاعر الكراهية ضد الغرب . وفي الوقت الذي وجدنا أن المنظمة الدولية للامم المتحدة قد اصدرت اتفاقيات دولية وقرارات من مجلس الامن تجرّم العنصرية والتمييز العنصري، والتطرف، وتكرس لحقوق الانسان وحرية العقيدة ، لكنها لم تقم بتجريم افعال التطاول على الذات الالهية وعلى الكتاب المقدس، وعلى الاديان والرسل مما يتنافى مع ابسط اسس ومبادئ شِرعة حقوق الانسان، والاعلانات والمواثيق الدولية ذات الصلة التي تكرس لاحترام المعتقدات وسائر الاديان والمذاهب ورموزها ، متغافلين عن حقيقة ان من شان ذلك ان يثير الكراهية والبغضاء ويؤجج من مشاعر الانتقام بين الشعوب والمجتمعات في الوقت الذي تتصاعد دعوات الخيرين للتعايش الانساني السلمي بين المجتمعات والشعوب.



تعليقات

أحدث أقدم