فاغنر والأحداث الروسية..

مشاهدات



ماريا معلوف 

متخصصة بالسياسات الأميركية وشؤون الشرق الأوسط


كيف رأت الولايات المتحدة ما حدث .. وكيف ترى تداعياته ؟

كثيرة هي التحليلات حول حقيقة ما جرى على يد قائد قوات فاغنر يوم 24 يونيو ما بين من يقول إنه شأن داخلي لا يد للقوى الدولية فيه وبالتالي يعتبره بمثابة التمرد الداخلي الذي أدى في نهاية المطاف إلى اهتزاز التقدير الدولي لبوتين وحكومته وما بين من يرى الأيدي الغربية والأميركية واضحة بما لا يرقى إليه الشك ذلك أنه وعلى الدوام كانت روسيا تتهم الغرب والولايات المتحدة بانهما يسعيان لتفكيك روسيا حتى ولو كان ذلك عبر حروب داخلية وليست فقط حدودية وهو الذي تنفيه أميركا حتى أنه وخلال الساعات الماضية أعلنت الولايات المتحدة على لسان الرئيس بايدن وكذلك على لسان رئيس وكالة المخابرات المركزية أن كل ما حدث هو صراع داخل النظام الروسي لا شأن للولايات المتحدة به لكن كلا من صحيفتي الواشنطن بوست ونيويورك تايمز أعلنتا صراحة معرفة أجهزة الاستخبارات المركزية بنية بريغوجين التحرك منتصف الشهر الماضي بينما لم يعلم الرئيس بوتين بنية قوة فاغنر التحرك سوى قبلها بيوم .

 

بالقرب هنا من الكابيتول اندهش كثير من الساسة والصحفيين الأميركيين من زعم الولايات المتحدة أنها بدت متفاجئة مما حدث من قوات فاغنر حيث كانت كل تصريحات المسؤولين تنطلق من أن الولايات المتحدة تتوقع وفاء روسيا بالتزاماتها فيما خص حماية السفارة الأميركية ومن فيها من موظفين . قبل أيام قليلة نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريرا عن دعم الولايات المتحدة لما عرف بـ"الثورات الملونة" في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق محاولة الربط بين ذلك التاريخ من التدخل وبين ما نشرته شبكة "سي إن إن" عن حصولها على وثائق تؤكد أن الجنرال الروسي سيرغي سوروفيكين كان عضواً سرياً في قوات فاغنر ومن كبار الشخصيات في تلك الشركة الروسية.. ولا يخفى أن هذا الرجل والذي كان نائب قائد العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا هو اليوم متهم بالخيانة العظمى وإن كان الكرملين يرفض الاعتراف بذلك لكن وفي كل الاحوال فالأدلة على معرفة الرجل بنية بريغوجين التحرك ضد الحكومة الروسية تتردد في الأوسط داخل موسكو يوما بعد يوم .

 

قد تبدو أفعال فاغنر غير واضحة الأهداف أو بمعنى أخر أستطيع القول إن بوتين وروسيا هما بحاجة إلى بعض الوقت لفهم ما حدث لكن الأغرب من ذلك أنه هنا في واشنطن تتردد أخبار عن أن خطط زعيم شركة فاغنر كانت تفاصيلها لدى الاستخبارات المركزية الأميركية ولم تشاركها سوى مع حلفاء محددين مثل رئيس الوزراء البريطاني وأن بريغوجين اتخذ قراره بالتمرد يوم 10 يونيو ردا على القرار الروسي بإجباره على توقيع عقود مع الجيش الروسي بداية الشهر الحالي . قد ترى أميركا في تصريحات مسؤوليها حول ما حدث أنه صراع داخل النظام الروسي لا شأن لها هي به لكن ومهما حاولت الولايات المتحدة تكرار ذلك الزعم فلا يمكنها أن تنفي علمها بوجود صراع داخلي على السلطة بين فاغنر والحكومة الروسية منذ شهر يناير مطلع العامر.. فعيون الولايات المتحدة الأميركية المتغلغلة في كل مكان وساستها الذين خبروا دهاليز السياسة ما كان لهم أن يكشفوا للدب الروسي كل أوراقهم إلا بعد أن يحصوا معادلات الربح والخسارة.. خصوصا أن الطرف الآخر يملك التكنولوجيا النووية التي تدرك أميركا خطورة أن يسيطر متمرد من قوات فاغنر على جزء ولو يسير منها .


تعليقات

أحدث أقدم