ممَ تخاف ؟

مشاهدات


عائشة سلطان


هل سألت نفسك ما هي أبرز الأشياء التي تخاف منها في الحياة منذ طفولتك وحتى الآن ؟ وهل تتبعت هذه المخاوف وكيف تأسست في داخلك؟ واستمرت معك حتى اليوم ؟ هل حدث وفكرت في التخلص من مخاوفك ؟ هل قمت بزيارة استشاري نفسي مثلاً ؟ أو طلبت مساعدة أحد مدربي الحياة ؟ أم أنك تأقلمت مع مخاوفك كجميع الناس ؟ 

 

وأنا أجلس لكتابة مقالي هذا، التفت إلى مكتبتي فأجد على رف واحد فقط مجموعة كتب للكاتبة أريكا يونغ تتناول المخاوف الكبرى التي يواجهها الإنسان في هذه الحياة: (سلسلة الخوف من..) تشمل : الخوف من الطيران / الخوف من الخمسين / الخوف من الموت .. أما بالنسبة لمجموعة المخاوف التي تسيطر على ذهن الإنسان وتنغص عليه حياته فهي عديدة، وقد لا نبالغ أنها جميعاً تنبع من خوفه من الموت، أما المخاوف الأخرى فهي: الخوف من العجز / الوحدة / المرتفعات / الأماكن الضيقة.. وهذه كلها تقود بشكل أو بآخر إلى الموت، وإذن فالخوف الأساسي مصدره الخوف من الموت، لسبب وحيد هو أنه المجهول الأكبر الذي لا يعرف عنه الإنسان أي شيء، حيث لم يجرب أحد الموت ويخبر الآخرين عن ماهيته ووقعه وما وراءه، فالذين يموتون لا يعودون للحياة ! 

 

ويخاف الإنسان من الخذلان والغدر والفقر والفشل والشيخوخة ومواجهة الناس ... إلى آخر هذه المخاوف الوجودية التي قد لا نحيط بعوالمها ووقعها علينا وتحديداً في سنواتنا الباكرة، إلا أننا في وقت لاحق نكتشف أن الخوف يغتال بهجة الحياة والتفاصيل والتجارب، وبالرغم من أنه لا يحمينا، بل على العكس فهو يمنعنا من التمتع بالحياة . يكون محظوظاً من استطاع أن يظل متخففاً لا يواجه الخوف أبداً.. لكن هل يمكننا ذلك؟؟ إن الخوف هي أزمة الإنسان الأزلية منذ فجر البشرية وفي كل الأساطير والحضارات صنع الإنسان معبودات وآلهة وخرافات وحكايات كي يهادن الطبيعة والخوف، كما سعى باحثاً عن زهرة الحياة سعياً للخلود، ما يعني أن الخوف طبيعة ثابتة في الإنسان وجدت فيه لتحميه وتحفظ وجوده، لكنه يتحول مأزقاً حين يعرقل حياتنا ويمنعنا من التمتع بها !

 

تعليقات

أحدث أقدم