ماقل ودل : "الجحش والنعناع"!!

مشاهدات



عبد الكريم الوزان

 

 

مثل شعبي عراقي (شعلم الجحش ياكل نعناع)!!. والجحش هو (ولد الحمار) .أما النعناع أو النعنع فهو جنس من النباتات ذو رائحة نفاذة وطيبة . وهناك أمثلة عربية شبيهة مثل (ويش علم الحمير أكل الزنجبيل) ، و(ايش عرّف الحمار ياكل الكنار) وغير ذلك . والقصد منها جميعا ان هناك غايات وأهداف لايمكن ان يحققها او يصل اليها مخلوق ما ، أما لعدم قدرته ، او لعدم استحقاقه لها بحكم موقعه ومكانته وامكانياته وعلمه . 

 

والأمثلة لاحصر لها ومنها : حينما يوضع شخص بمكان غير مناسب، أو من يولى شخصا على قوم بلا استحقاق ، أو حتى للزيجات غير المتكافئة . لكن الأنكى من كل ذلك حينما تصل العدوى للتعليم ، وبالذات مناقشة الرسائل والأطاريح العلمية. وفي العادة فإن اي مشروع لنيل شهادة عليا يحتم وجود فكرة متطورة ، وفائدة للمكتبة العلمية وللباحثين، وأنه لم يتم بحثها وعرضها من قبل . وتوضع ضوابط منها : اختيار المرشد الأكاديمي والمشرف العلمي ، وتقدم خطة بحثية ، ثم (سيمينار) ، ثم الشروع بالكتابة ، ومن ضمنها الاهتمام بالدراسات السابقة للبحث والمشكلة البحثية والأهمية والأهداف والفروض والمحددات والتعويل على نظريات واجراء عمليات احصائية ..الخ . وبعد مدة زمنية مقررة تشكل لجنة حكم على الرسالة أو الاطروحة. وكل ذلك وفق شروط وضوابط علمية . 

 

اللافت للانتباه ان كثير من الجامعات أصبحت تمنح الشهادات العليا لمن يدفع بعيدا عن الأداء ، ونزاهة الامتحانات والمعايير المطلوبة لتقييم الكفاءة ، ناهيك عن استسهال اختيار موضوعات الرسائل والأطاريح ، حيت نجد اختيار موضوعات تافهة لاتنفع المجتمع ، ولاتتطابق مع ادنى الشروط ، وهذا يمثل تسفيها للتعليم بشكل عام ، وانتقاصا من الأساتذة الذين نالوا استحقاقاتهم عبر مراحل زمنية عن جدارة ، واساءة للوطن . والغريب ان بعض أعضاء لجان المناقشة غير مستوفين للشروط التي تسمح لهم بمناقشة رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه ، ومنها اللقب العلمي والبحوث العلمية المنشورة خلال السنتين الأخيرتين. لقد آن الأوان لتحكيم وحوكمة التعليم ، ومن ذلك مراعاة اصول وضوابط المناقشات، بمنأى عن التأثيرات متباينة الدوافع والأشكال، حتى نستطيع ان نبني بلدا مقتدرا ، ونصنع مستقبلا زاهرا، ونحقق حياة حرة كريمة ، ونواكب الدول المتقدمة ، بعيدا عن المقاربات المستهجنة والغريبة كمقاربة (الجحش والنعناع) !!.

تعليقات

أحدث أقدم