فلتسقط الكراهية

مشاهدات




ضرغام الدباغ


كنت في خواطري قد كتبت عن أعمال روائية رائعة ، عن رواية الساعة الخامسة والعشرين ، دروب الحرية ، وصمت البحر ، والفيلسوف كولن ولسن ، وكتبنا قصائد لبرشت وناظم حكمت ، والبياتي ، وقسطنطين كفافي وأغاني لفيروز ، وأرنست بوش ، وموسيقى رافي شنكر وولاية علي خان ومنير بشير ، وعن أساطير بابلية ويونانية تمجد الحكمة الدعوة للاعتبار ، وتحدثنا عن أفلام سينمائية، وعن تجارب شخصية ، ورفاق وأحباب غادرونا، لهم وقفة للتحية ، ولوحات، ورسامين، ديلاكرواوآيفوزوفسكي وحسيب جاسم وبوتيرو، ومسرحيات، وأوبرات، كورساكوف، وروسيني، تفاعل معها القراء بشكل رائع، وأعداد الأصدقاء في صفحتي يتزايد، عدد أولئك الذين يقيمون صلاتهم على أساس الصداقة، وتبادل الأفكار الجميلة، والثقافة، نترفع عن الكراهية والحقد، ندعوا للحب والصداقة، نهتم بالمنجزات الحضارية، لأن هذا مفيد للنفس، للروح، وللفكر، وللوطن عندما يكون أفراده على درجة من الرقي، سيتمكنون من خدمته بصورة أفضل، البشر يستطيعون بناء الحضارة والثقافة. فقد أخبرني عدد من الأصدقاء أنهم باتوا مقتنعين أن العمل الثقافي لا يقل أهمية عن العمل النضالي، فأضفت قائلاً  لهم ... بل هو متمم ضروري له ، فالسلاح باليد بدون فكر في الرأس مسألة في غاية الخطورة.

 

إذن انتبهوا ..أنظروا حولكم ، هل ترون متطرفاً / متعصباً مثقفاً ..؟ هل تجدون من بين هذه الفئة التي تمتهن العداوات والكراهية والحقد، هل بينهم من يهوى سماع الموسيقى، والمطالعة، والأدب، والرسم والفنون ..؟ بالطبع كلا والأمور ليست مصادفة، فالكراهية تقود آلياً إلى الوحشية، والتوحش هي همجية، سيان تحت أي شعار تجري، بصرف النظر عن صيغها، وهي لا تعني أن ظلماً فاحشاً يلحق بشخص أو فئة، أو حتى ضد فكرة لم فشلت فكرة أخرى لا تمتلك مقومات الصمود والبقاء أمامها، وخيل لهم أن القوة وحدها تدخل البعير من سم الإبرة، وأن المستحيل ممكن، فيجتهد ويحاول فيفشل، ويثأر من الفشل بمضاعفة المحاولات، وبزيادة شحنة الكراهية، ورفع وتيرة العنف المدمر، ثم يدلي حكماء الشر بدلوهم، فيعتقدون أنهم يتوصلون لحلول عبقرية، ولكنها حلول بائسة تضاعف من الحمل وبالتالي الانحدار المادي والمعنوي .. فلا يمكن للغباء أن ينتصر على الذكاء، ولا الوحشية على البشرية . توصلت في تأملي العميق، أن الكراهية هي مرض عصابي، يبلغ بالمصاب أو المصابين لدرجة من الإعاقة البدنية والعقلية الكاملة. فالكراهية داء وبيل تحرم المصاب به من التفكير بموضوعية، فمن الثابت علمياً أن التعصب والعصبية، يحجبان قدراً غير بسيط من خلايا الدماغ على التفكير، والجزء المتبقي القليل سينحاز آلياً في مجري يتناسب مع قدراته العقلية والثقافية .

 

من يكره لا يستطيع الاتيان بأعمال جميلة، فهذا يتناقض جوهرياً مع الجمال.

من يكره لا يستطيع أن يكون ذكياً، لأنه يتخذ قرارات مسبقة دون تفكير.

من يكره لا يستطيع العمل في الخدمة العامة، لأنه يكره بعضهم .

من يكره لا يستطيع مشاهدة أعمال فنية ممتعة تثري العقل والروح، لأنه لا يستوعبها.ففي قلبه ركام من سخام أسود.

من يكره لا يستطيع أن يكون مثقفاً، لأن الثقافة متنوعة بطبيعتها ..

من يكره لا يحب الطبيعة، لأن الطبيعة خلقت الناس في لحظة واحدة أبرياء أنقياء ..

من يكره يعمي الحقد بصره وبصيرته، والكارهون فئة ضالة ولن تكون على صواب أبداً لهذا ستخسر معاركها مهما حشدت لها من قوة وفي العالم أمثلة عديدة ... 

من يكره لا يعرف الحب ..!

من يكره لا يضحك من قلبه .. فتأتي ابتسامته صفراء، الغش فيها واضح 

من يكره ويحقد ويمارس الحقد .. ينتظر بلهفة يوم قيامته ..

من يكره لا يحب الله ولا الله يحبه ..


لا تكره أحداً، ولا تدع الكراهية تتسلل لقلبك،.. أحترم أو لا تحترم، أظهر إدانة لكل أعتداء أو جريمة.. أقبل هذا التصرف أو لا تقبله، ولكن لا تكره .. عجوز ولكنه حكيم ... في معسكر اعتقال ... وفي اعتقاد الجلادين أنهم يخيفون حتى العصافير في السماء، أنحنى مد يده لحفنة من التراب وجعلها تنساب بين أصابعه...وتطلع في عين الجلاد المتغطرس وكان ضابطاً في جيش الاحتلال، وقال له :" .... أنظر كيف يتسرب التراب من بين يدي .. هكذا سينتهي يومكم ..." وكان رد الجلاد طلقة بين عينيه لأنه لا يفهم أكثر... الكراهية جبن، وغباء، ألم أقل لكم أنهم خائفون حتى النخاع ...! واليوم هناك تمثال للرجل العجوز، والضابط القاتل هرب إلى الأرجنتين، ولكنه لوحق وقبض عليه، حوكم وأعدم بتهم جرائم الحرب والإبادة . أعلن .. أني لا أكره أحداً .. حتى من أعتدي علي، فله العار، وعقوبة المجتمع  وكفى ..! أنا لا أسب ولا أشتم أحداً، وإن حدث وخالفت شخصاً أو جهة بالرأي، فأفعل ذلك بأساليب أحاول أن تكون مهذبة...! لأنها أكثر فائدة .. لا أسعى للثأر من أحد، ومن يتوقع ذلك مني، دعه ينتظر للأبد ..!


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(من لديه معلومات في علم النفس العام، يعلم أن العصابية هي تعريف علمي لما يطلق عليه الناس بالجنون)

تعليقات

أحدث أقدم