«قمة جدة».. بين «تصفير» المشكلات و«تجميدها» (1-2)

مشاهدات


عبد اللطيف المناوي


القمة العربية، التى تنطلق اليوم فى جدة، مرشحة لأن تكون قمة استثنائية وتاريخية، أولًا لأنها تُعقد فى ظل أوضاع تبدو إيجابية ومبشرة للغاية، وتحديدًا فيما يتعلق بالعلاقات «العربية- العربية»، فخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، قام بدعوة الرئيس السورى بشار الأسد لحضور أعمال القمة، بعد أكثر من 12 سنة من تجميد عضوية دمشق، وخرجت تصريحات من الجانب السعودى تبشر بالخير، وتؤكد أنه بات لا يوجد ما يمنع من حضور الرئيس السورى أعمال القمة . كما خرجت تصريحات من الجانب السورى، وتحديدًا من فيصل المقداد، الذى وصل إلى السعودية لحضور الجلسات التحضيرية للقمة، مؤكدًا أن سوريا نسيت الماضى، وأنها على استعداد أن تنظر إلى المستقبل، وأن تتعاون مع الجميع من أجل المصلحة العربية العامة .

 

عودة سوريا إلى الحضن العربى من جديد قد تكون إحدى الأزمات العربية التى عادت إلى النقطة «صفر»، بلا مشاكل أو أزمات، فقط تبقى تفاهمات وتنسيق بين الحكومة السورية وبقية الأطراف العربية الراغبة فى اكتمال العودة بما يلائم مصلحة الشعب السورى وتطلعاته للعيش فى حياة سياسية واقتصادية واجتماعية أفضل. وأعتقد أن الجانب السورى يدرك جيدًا معنى وتأثير القطيعة التى عانى منها لسنوات طويلة، وعليه فإنه ربما يكون غير مستعد لاستمرارها . القمة التى تنطلق فى المملكة العربية السعودية اليوم تُعقد كذلك فى ظل أوضاع إيجابية للغاية، خصوصًا فى الملف السعودى- الإيرانى، لاسيما بعد التقارب الأخير، والذى أعلن من خلاله الجانبان عن عودة التمثيل الدبلوماسى بين البلدين، وهى خطوة تُنهى عددًا من الأزمات فى المنطقة، أهمها الأزمة اللبنانية، وإنهاء الخطر الحوثى فى اليمن، بما لطهران من دور مؤثر فى تحريك تلك الأزمات .

 

«تصفير» أزمات العرب مع إيران لاشك فى أنه سوف يؤسس وضعًا مختلفًا على مستوى القوى الإقليمية، حيث بات واضحًا أن منطقة الشرق الأوسط تتحرك بشدة تجاه أن تكون منطقة واحدة موحدة الرؤى والاتجاهات. تلك الرؤى الواحدة تجعل من المنطقة قوة لا يُستهان بها إزاء القوى العالمية الأخرى، لاسيما بعد حركة التغيرات الكبيرة التى طرأت على خريطة التحالفات العالمية نتيجة الحرب «الروسية- الأوكرانية»، وصعود الصين كقوة عالمية سياسية واقتصادية لا يُستهان بها. أضف إلى ذلك الدفعة القوية التى من الممكن أن تدفع المنطقة إلى الأمام فى الجانب الاقتصادى، بعد جائحة «كوفيد- 19»، خصوصًا أن الخليج مثلًا أقل بلاد العالم تأثرًا بالضربات الاقتصادية التى توالت على اقتصادات العالم، وهوت بمعظمها . قد تكون القمة استثنائية بحق إذا ما صفرت أزمات المغرب العربى، ودفعت طرفى الصراع فى السودان للجلوس على مائدة المفاوضات، وحل المشكلة بالحوار. القمة ربما تكون تاريخية إلا لو أصابها فيروس التجميد والتأجيل!.



المصدر : المصري اليوم

تعليقات

أحدث أقدم