حب بلا أمل .... واستشهاد بلا قضية ...قصة واقعية .

مشاهدات



علاء آل شبيب

 


كان مجاهد محمد عيدان صديقا شهما وشجاعا ترك بصماته على ذكرياتي الى هذه اللحظة . كان طالبا معي في المتوسطة الغربية ببغداد ويسكن في نفس منطقتي ايضا في حي المستنصرية . عاش قصة حب من طرف واحد .. وظل حتى آخر لحظة لا يعرف اسم الحبيبة ولكنه كان يسميها ( القمر ) . كان يصطحبني دائما للأنتظار معه على ابواب مدرستها في اعدادية التجارة في حي المغرب في بغداد فقط لينظر اليها ويبتسم ... كنت اتعجب ان ذلك الشخص الجريء الشجاع تنتهي جرأته وشجاعته بخزرة واحدة من القمر .

 

كان ينظر الي دائما ويردد الكلمات التالية : علاء اذا مت يوما إكتب قصتي وليكون العنوان : حب بلا امل .... واستشهاد بلا قضية . وتمضي الايام ويقرر مجاهد ان يدخل الكلية العسكرية .. ليتخرج ضابط في الجيش العراقي الباسل ... ظل يردد نفس الكلمات وهو يتذكر القمر ويقول : علاء سأموت قريبا وتذكر ان عنوان قصة حياتي : حب بلا امل واستشهاد بلا قضية . كانت ايامها الحرب العراقية الايرانية مستعرة.. فتم نقل مجاهد الى قاطع البسيتين كضابط محارب ، كان يعود من الاجازة وهو يحدثني عن الارواح التي تزهق بلا قضية ولكن ذلك لم يضفي على وجهه اية علامات للحزن ، فقد كان مجاهد لا يعرف الهم والغم بل ان روح الدعابة تملأ حديثه اينما حل او وصل مما يجعلك تغص في الضحك وانت تستمع الى  حتى أعلى مراحل شجونه . اللقاء الاخير بيني وبين مجاهد كان صعبا للغاية ... فقد راودني شعور غير طبيعي بأنه سيكون اللقاء الاخير ... فكان الحديث التالي الذي اتذكره بحذافيره :

 

علاء : مجاهد عندي طلب منك ... وارجو الا ترفضه لي .

مجاهد : قل ياعلاء ... روحي فداك .

علاء : مجاهد انا لا اريد ان تفديني بروحك .. بل اريد ان احفظ روحك .

مجاهد : الحافظ هو الله ياعلاء .... كلمني بصراحة ماذا تخبيء ؟

علاء : ارجوك لا تذهب الى الجبهة هذه المرة .. حاول ان تغيب تحت اي عذر .

مجاهد : هل انت مجنون انا ضابط ونحن في حالة حرب .. وغيابي لاسبوع واحد سيسبب لي محكمة عسكرية قد تصل عقوبتها للأعدام . علاء ارجوك .. لماذا لا تكون صريحا معي وتقول لي مالذي يدعوك لهذا الكلام ؟

علاء : مجاهد لا تسألني كيف ... ولكنها ستكون نهايتك هذه المرة اذا ذهبت .

مجاهد ضاحكا كعادته : ومنذ متى انا اخاف الموت ؟

علاء : انا جاد جدا يامجاهد .

مجاهد يعانقني بلهفة توديع قائلا : اذن ياعلاء لو مت فأن ماتنبأت به سيحدث ... القمر تزوجت ياعلاء وماهي حياتي من غير القمر .. كنت اعد العدة كي اتقدم لخطبتها . فأذا استشهدت فشهادتي هي بلا قضية وحبي كان بلا أمل .  

 

ودعني مجاهد وعينانا نحن الاثنين كانت تغرغر دمعا .. قد لا يصدق من يرى ان هذين الشخصيتين الهزليتين يعيشون هذه اللحظات . لم تمض الا ثلاثة ايام فقط على وداعي لمجاهد حتى تلقيت الخبر بأستشهاد مجاهد .... فكانت اول الكلمات التي نطقت بها هي : حب بلا امل واستشهاد بلا قضية .

 


 


تعليقات

أحدث أقدم