حل الألغاز

مشاهدات




ضرغام الدباغ

 

كنت قد نشرت مرة مقالاً عميق المعنى الفلسفي، حول نظرية استخدام الرياضيات العالية في السياسة، للأستاذ الدكتور نايف بلوز، وأعترف أن الموضوع على أهميته  الكبيرة ، إلا أن فهمه وإدراك أبعاده ليس هيناً، والأصعب هو استخدامه في المعضلات التي نواجه. والأمر في جوهره يحتاج إلى رأس بارد (وهذا صعب في بلداننا) وأن تكون موضوعياً حيال المعضلة (وهذا أكثر صعوبة) والتخلي التام عن التوصيف والتقدير المبني على دوافع هوى وعاطفية ، وفي أن تمنح قيمة رقمية لأطراف القضية (وهنا تكمن النزاهة في منح قيمة دقيقة لكل طرف)، ثم تشخيص دقيق مماثل للأطراف وللعوامل والعناصر الثانوية وهنا تكتشف الضعف في هذه الجبهة أو تلك، أو لدى هذا الطرف أو ذاك . وبدرجة الدقة والموضوعية / العلمية التي تمارس فيها التحليل  التخطيط تتوصل إلى حلول تضمن قدرا كبيرا من النجاح . ولكني اليوم أريد أن أدعوا القراء الأعزاء لحل الألغاز السياسية بطريقة مبسطة . لا نتخلى عن الرؤية العلمية، ولكن تكمن في البساطة النسبية في أستخدامها . ابتداء في السياسة ليست هناك أسرار ولا سحر ولا طلسم ولا من يحزنون ... كل شيئ يمكن إدراكه ببساطة باستخدام الوسيلتين :

 

1. الأدلة المادية .

2. الأدلة العقلية .

 

وباستخدام ذكي وحاذق للأدلة وتحليلها بنوعيها ، نتوصل بدقة إلى مغزى اللعبة السياسية، ومعرفة أطرافها، واللاعبين الأساسيين ، والثانويين ، من يظهر على المسرح مباشرة ، أو لاعب يشارك في اللعب ولكن من خلف الكواليس، وهناك من يمثله على المسرح، فيبدو بعيداً، ولكنه في صلب اللعبة ، وهناك من يتعب نفسه ليظهر خلاف ما يبطن، أو يحاول التمويه فيلعب خلاف المعلن، أما إذا كنت على معرفة ولو بسيطة بقواعد لعبة البوكر، فسيتضح كل شيء وكأنك تشاهد فلماً وثائقياً . فلكل حركة أصولها والذكاء في استخدامها ، كالخدعة ، أو المبالغة، ففي استخدامها الخاطئ قد تقود إلى نكسة .

 

ولكن دعنا نجرب الطريقة السهلة...

 

نطالع في المجلات أحياناً، وغالباً في آخر الصفحات، لعبة مسلية بسيطة تتمثل بإيصال خطوط مستقيمة بين نقاط مرقمة، وفي النهاية ستجد أن مجموعة النقاط أمامك هي سمكة قرش، أو فارس يمتطي حصاناً . دعنا نلعب اللعبة في السياسة المعاصرة، في ساحة هي اليوم ملتهبة، تحتمل الكثير من التأويلات . وهناك أسلوبا آخر بسيط جداً ولكنه فعال، وهو أن تضع نفسك، أو أحد العاملين معك، أن يمثل حرفيا في دور الخصم المقابل ومصالحه ، بما في ذلك ردود افعاله، وهناك من الدول المتقدمة من يمارس هذه الطريقة، ويخصص غرفة خاصة لها، وموظفين محترفين لممارستها .  كل هذه الأساليب ممكنة، ويمكن وضع عنوان رئيسي لها، وهو أعتمد في قراراتك بعد دراسة وتأمل دقيق وتحكيم العقل، والابتعاد التام عن أحكام الهوى والغضب .

تعليقات

أحدث أقدم