المجالس مدارس

مشاهدات
 

 
سعد احمد الكبيسي 
 
 
في قصة من موروثنا الإجتماعي يقول صاحبها : حدثني جدي مرشدا : يا بني إذا أردت أن تحكم بين بخيلين فلا بد أن تعرف أن طريق الصلح بينهما لا بد أن يمر في جيبك، وإذا حكمت بين بخيل وكريم فخذ من حصة الكريم للبخيل .... 
 
سألته وقتها: وإذا حكمت بي كريمين يا جدي ؟
قال لي وهو مبتسم ابتسامة الكبار : كريمان لا يحتاجان لحكم !!
 
 
في بداية عام 1988 نقلت وحدتنا العسكرية من السليمانية الى حدود كركوك وكان المكان موحشاً وصعباً، كنا خليط من محافظات شتى وكان معنا جندي من اهل بغداد من شارع فلسطين اسمه عامر، وجندي آخر من كركوك اسمه حسين، كنا نتحدث بأمور عامة فقال الجندي من كركوك : أشوّفكم صورة إبني وكان خارق الجمال فقال له الجندي من بغداد :هذا حيل حلو لازم طالع على أمه ؟! فخجل صاحبنا واحمرَّ وجهه ، فلمّا انفضّت الجلسة اخذت عامر وتكلمت معه فقلت له كيف تقول له طالع على أمه؟! فقال لعد شگول له، ابنه حلو حيل وهو مو حلو أكيد طالع على أمه، فقلت له لا هذا الكلام خطأ ، الصحيح أن تقول له طالع على أخواله، وما تذكر أمه فقال ايباااه والله أنتم أهل الأنبار بلوة .
 
وفي مشهدٍ آخر ذهبت مرةً الى مجلس عزاء وجاء شابٌ صغير وجلس بجانبي، فجاء الگهوچي فصبّ له القهوة فشرب فصب وشرب وصب له فشرب حتى بلغ خمس مرات فقلت للگهوچي: مو كافي تره شبع گهوة، فقال هو لم يحرك الفنجان، فقلت له لعله لا يعرف، فانسحب الگهوچي فقلت للشاب ليش ما هزيت الفنجال قال وليش أهزَّه قلت له حتى يفهم الگهوچي أنَّك اكتفيت فقال: والله عمي ما أعرف بهاي الشغلات .
 
هنا تذكرت قول الشاعر :
الماشايف الدله يدوخ بالفنجان
مايعرف يهزَّه شما تصب يشرب
 
أهلنا الطيبين يگولون المجالس مدارس فعلاً تره المعدَّل أساسه معدل 
 
اكشخ بصيت وجاه مو داعي الهدوم
يعتگ جديد الخام بس صيتك إيدوم
 
ومن آداب المجالس التي يجب معرفتها : لا تدخل المجالس عابس الوجه ولا تدخل المجلس وبيدك سبحه أو سيجاره، وارفع صوتك قليلاً بالسلام وأبدأ من اليمين، قدم القهوة باليد اليمنى وخذها باليد اليمنى وهزّ الفنجان يعني الاكتفاء؟!
 
لا تضع رجل على رجل، وقم بالتحدث مع الجميع حتى لو كان بينكم زعل أو أي شي، لا تبخل بجاهك على من يطلبه... ما بخيل الا بخيل الجاه . اجعل الخبز آخر شيء تقدمه لانه يعني اكتمال المائدة، ولا تنتقد الطعام أو الشراب فهذا يعني إهانة صاحب الدار، إذا قُدم لك الملح فعليك الأخذ منه ولو بالشيء القليل فأنه يدل على تقوية العلاقه بين الطرفين، فالضيف متى قدم على صاحب البيت يستقبل بالحفاوة والترحيب . وفي ذلك قالت البدو في الضيف 
 
"إذا أقبل أمير وإذا جلس أسير وإذا قام شاعر".
 
ومن آداب الضيافة ان يُحدّث المضيف ضيوفه بما تميل اليه نفوسهم من خلال ما يستشف من خواطرهم، ومن اللطف الا يشكو الزمن والفقر ولا حتى المرض أمامهم لأن في ذلك موقعاً غير محمود في نفوس الضيوف . ومن الأدب ألا ينعس ولا يتثاءب أمامهم، وعليه ألا يرفع صوته بغضب في أثناء وجود الضيوف على أحد أفراد البيت.
 
وسلامتكم
لعلي اكملها في مقالة اخرى
 
خارج النص :
هذا العيد قد أقبل بعد رمضان الخير والبركة فتعالوا نفرح بتواضع دون أن نسيء لأحزان الآخرين ثمّ من أراد أن يلطم ويبكي ففي بقية العام متّسع لهذا أما في العيد خذوا بقول جدّتي : 
 
لا تفرحوا في أحزان النّاس
ولا تحزنوا في أفراحهم !
وكلّ عامٍ وأنتم بخير

 

تعليقات

أحدث أقدم