شرف المقاومة

مشاهدات

 

 


مكي النزال 

 

في مطلع أيار/مايس 2003 هتف بوش على ظهر بارجة أمريكية "لقد انتصرنا في العراق" وصفق له المبطلون المطبلون من حوله وشربوا أنخاب وهمهم الكبير. ففي نفس اليوم بدأت صفحة جديدة من الحرب ضدهم وكانت الصفحة الأشد والأكبر ضرراً على جنودهم وسمعتهم وتاريخهم العسكري إنها صفحة المقاومة العراقية التي ابتدأت بصاروخين من نوع آر بي جي انطلقا من حي نزال على ناقلتين مدرعتين تحرسان مقر الجيش الأمريكي في الفلوجة . احترقت المدرعتان واحترقت معهما أسطورة الجيش الأمريكي الذي "لا يستطيع أحد أن يمسه" واندحر بوش فانكفأ على نفسه وصمت لمدة من الزمن حتى لقنه مستشاروه ما يقول عسى أن يخفف وطأة الخبر على جيشه وشعبه وشركائه . 

 

وقبل هذا اليوم التاريخي بأيام كان قرابة المائة فلوجي يتظاهرون ضد جيش الاحتلال الأمريكي الذي اتخذ مدرسة في الحي نفسه مقراً فرعياً له ولجنوده المستهترين المعربدين وطالب بعض المتظاهرين هذه الوحدة العسكرية المحتلة أن تخلي المدرسة وتذهب إلى خارج الحي السكني بينما طالب آخرون برحيل الأمريكان عن بلدهم العراق . كان الرد الأمريكي متوقعًا فجنودهم كسياسييهم لا يتكلمون إلا بلغة الجريمة وإسالة دماء الأبرياء فأطلقوا النار على المتظاهرين المدنيين وعلى البيوت المجاورة وكأنهم في ساحة معركة وسقط ستة عشر قتيلًا من المتظاهرين وسكان الحي وجرح سبعون آخرون وحين هرعت الكوادر الطبية لإنقاذ الجرحى جوبهت بإطلاق النار هي الأخرى وكان منعهم من الوصول سبباً رئيساً في وفاة هذا العدد من المتظاهرين وأبناء الحي المنكوب . بعد أيام ثلاثة جاء الرد ولم يكن عدد الجنود المحتلين القتلى أقل من عدد المدنيين القتلى وبدأت الصفحة الأكثر إشراقًا في تاريخ العراق الحديث ألا وهي صفحة المقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي ومن معه من ذيول . كان الحدث مادة دسمة للإعلام العربي والأجنبي الذي بدا وكأنه كان ينتظر حدوث ما يكسر الصمت العراقي الغريب فانطلقت الأخبار بدويٍّ أكبر من حجم الانفجارين : عاجل.. هجوم صاروخي على القوات الأميركية في الفلوجة واحتراق ناقلتين مدرعتين بالكامل ! وسرعان ما جاءت الأخبار بتنفيذ عمليات مقاومة من الخالدية والرمادي وأبو غريب وجنوب بغداد وشمالها وحي العامل والموصل وما حول هذه المدن .

 

وبعد تفاقم العمليات المقاومة ضده أرغم الاحتلال على خوض حروب إضافية كبدته خسائر بآلاف الأرواح ومليارات الدولارات والأهم من ذلك كله هو اضطراره للتخلي عن جزء مهم من مشاريعه الشريرة بعد أن أدرك بالتجربة ونزيف الدماء أن العراق ليس لقمة سائغة وأن يوماً سيأتي لينفجر في وجهه كما اضطر الاحتلال إلى استئجار جيوش مشاة يمسكون له الأرض وهم يهتفون ضده بينما هم في الحقيقة يأتمرون بأمره . لقد كتب المقاومون هذا الفصل المشرف بدمائهم التي سالت في الفلوجة وأخواتها من مدن العز العراقي وستبقى قبور شهدائها شاهدة على تاريخ من المجد والشرف .

 

ولا نامت أعين الجبناء .

 

 


 

تعليقات

أحدث أقدم