عالية محمد علي
هبّ من نومه مذعوراً مغادراً دفء غطاء وبقايا رؤيا تلاحقه !
وساهرةُ غير بعيدة عنه ترمقه بعين غيرةٍ وتساؤل !
تتسائل في ضميرها ان
كان زوجها لازال يفكر بتلك الحبيبة القديمة .
شرب على عجالة كأس من
الماء والحيرةُ تصبّ عليه جام غضبها ، وأصابعه تستجدي الغوغل آيرث ذلك البرنامج
اللعين بحثاً عنها ! يجلس مرتبكاً على كرسيه ومنضدته التي تحمل نقطة أتصاله
بالدنيا التي ماعادت بعدها تعنيه !
تلك أثيرتهُ , حبيبته
, التي ضاعت منه في مطارات العالم , والذي اكتشف لاحقا انه لازال يعشقها ، بحث
عنها كثيراً ولم يجد لها تذكرة مقطوعة ولا حقيبة منسية ولا أثر , وتمر النهارات
محنطة الذكرى , مشلولة القدمين , يتقلب كسمكة غادرت البحر , غارقاً في حطام
العناوين القديمة التي حفظها عن ظهر قلب مشتت بين جسد وروح !
جسد توسّد رغبة أنقضت
وما أنقضى شعوره بالذنب بعدها , وروح تحمل رسالة هائمة عنوانها وجع ونصّها وجع
ومضرّفها هي !
رنة هاتف !!! هي
عينها ماتغيرت , تمتم مبتسماً بمرارة ّ!
أنها مجنونته !!
تختار ساعات معينة تعلم انه يكون فيها في قمة حنينه اليها ويكون
مذبوحاً بذكرياتها ويجنّ في تلك الساعات الجنون الصاخب لاشواقه , كموج عاتٍ يبقيه
بين السرير والغطاء منكسر القلب , وتمر به لوحات رسمتها لعينيه بالكلمات وأغنيات
للمساء رافقت يومه ، يوم حكمه الكبرياء فكسر ما بينهما !
وعندما غادرت حياته
تيقن نادماً انها كانت حقيقته الوحيدة .
ربما أنتبه بعد فوات
الأوان انها كانت ولا تزال اللون لكل أشيائه الباهتة .
يأتي الرنين البعيد هذه المرة , شديد الوقع كمزنة حلمت بمغادرة سمائها
صيفاً
!
رنين رنين !! ولا يمتلك شجاعة الرد .
في ذات اللحظة التي
بدأ بالبحث عنها في مدن لا تبدو الاّ كحدود ودوائر بلا حياة , مدن الخرائط ! ما
كان يدري هل هو صوت نبضه المتسارع ام هو رنين هاتفها الذي يبدو متسارعاً كساعة فقد
عقربها الصغير صوابه , راودته صورة هاتفها ذي الغطاء الزهري !
ربما تتصل من ذلك
الهاتف عينه الذي حمل لذاكرته في أيام ودادها أحلى الكلام , ربما تتصل من ذاك
الهاتف بالذات أمعاناً في أختراق ذاكرته .
آه كم يشعر بالندم
الصريح لانه ضيّعها , لتكون نبضاً لمدينة ما من المدن الضائعة المجهولة الخرائط ،
مدن الغوغل .
إرسال تعليق