لبنى الحمداني
الآن تتذكّرُ بغداد . عفوًا ,تُذكِّرك بنفسِها ،كعادتِها ؛ بغداد .
فبغدادُ ، ومثلُ كلِّ (الاشياء) العظيمة ، لاتنتظرُ أن تُستَدرجَ إلى الذاكرة ,بل تُقحِمُ نفسها على البالِ (عنوة) ! ينسابُ دجلة في شرايين القلب ، حاملًا كلَّ حكايا الزمن القديم الحديث ....... اطلالةَ الرشيد ، وهو يمنح (الزمن) سنيّهُ الذهبيات ، حرائق هولاكو ، ترانيمَ زرياب على أوتارِ عودٍ بغداديٍّ قديم ، صوتَ شهرزاد مهدهِدًا بني البشر على مرِّ العصور ، حاملا شيئا من سحرِ بغداد ، حكايا عشق بغداد ،
وبعضًا مِن ذكريات كلٍِّ طفولةٍ (زعلت) لأنّ الصباح أدركَ شهرزاد.
يتوقّفُ الزمن ويحني رأسه فجر ال 20 من آذار ! أزيزُ طائرةٍ، تعقبه صرخةُ طفلٍ جائع تُكتم ! تشعرُ بدمعِِ ساخن في القلب ، يبكي مع كلِّ انفجارٍ : موتَ زاويةٍ لهوت فيها يومًا ، أو طريقا حفظت كلَّ اثرِ فيه،لأنّه لطالما(ضمّك) فاودعته ضحكةً ,صداقةً ,ذكرى ...أو مجرّد خطوات !
تُغمضُ عينيك قليلًا ،فترى نفسَك في حضرةِ شاعرٍ ملتاع يصرخ :
تنبّهوا واستفيقوا أيّها العربُ ....فقد طمى الخطبُ حتّى غاصت الركبُ ! تهزّ رأسك باكيًا ، أن ياشاعرنا نحن نحسدُ زمانَكَ الذي طمى فيه الخطبُ حتّى غاصت الركبُ ،لأننا نعيشُ زمانًا بُتنا نبحثُ فيه ، في الطمى ، عن الرؤوسِ لا عن (الركبُ)! لعينيكِ ، لأنّك الأحلى ولأنّكِ الأغلى . لأنّ غربةً حملتنا الى مدنٍ لَم نعشق فيها سوى ذكرياتِنا فيك .. وحنيننا اليكِ..
بغداد
ياجميلةً ، كالحلم، ويارقيقةً كوردة
يا أبيّةً ، كنفوسِ أحراركِ
ساحرةً ، كحكايا شهرزاد
يا دمَ شهيد ، دمعة شاعر
ويا قويّةً ، كعطر الوردة ، كالعراق ...... كعشقنا …لعينيكِ.
إرسال تعليق