سحر النصراوي
إذا كنت سأعتبر هذا المجتمع الذي أنا فرد منه جسدا فسأقولها اليوم وأمضي .. إنه جسد معتل حتى أخمص قدميه ولا أستثنيني كل ما في الأمر أن نرجسية واهمة تصور لي أحيانا وكذبا أنني أنبض بالحياة وأن هذا الجسد هو ما يشلني . هذا المجتمع الذي هو نتاج من الإستعباد الثقافي والعقائدي والفكري والاجتماعي لقرون ، ولن ينتج اليوم أفرادا أصحاء نفسيا ما لم تقم فيه ثورة فكرية واجتماعية واقتصادية وثقافية هذه المعطيات مجتمعة زد عليها جبهة مسلحة .. وحدها ما يمكن أن تقتلع شتى أنواع السرطانات وخلاياه النائمة المعششة في مستنقع الجهل المقدس الذي نظل نقيم له الطقوس والشعائر تكريما وتزلفا لكل أشكال القمع والإبادة الفكرية والنفسية التي أخذت مكانها في الخارطة الجينية للشعوب التي سلمت أمرها القدر .
هذه الشعوب التي سيرت بعصا الراعي ومنذ الاف خلت والتي لم تعرف يوما مصيرا تصنعه وتكتبه وتسير إليه بملئ إرادتها لا يمكن أن تلد وتبعث إلى الحياة أفرادا أصحاء عقليا . حين أراد هذا المجتمع الذي أنا فرد منه أن يصير مختلفا . وبقرار من الراعي الأول والثاني والثالث والعشرين كان ذلك دائما نزولا عند قرار الراعي . قد ينقسم هذا القطيع أحيانا إلى قطعان يسيرهم رعاة والرعاة أيضا مسيرون من طرف رعاة أكبر وهكذا تملى على رعاتنا منهجية الاختلاف التي سنسلكها ونختلف فعلا لكن على شكل قطعان .. أنا لا أمتلك أن أغير سنة القطيع ولا أطمح لأن أصير من الرعاة لكنني أيضا وفي إطار تقدير فكرة الاختلاف قد أنتقل من قطيع لا يعجبني إلى آخر أستسيغ التواجد فيه . وقد سبق فعلا وأن غيرت القطيع أو الراعي فأحيانا تكون للراعي كاريزما خاصة وهيبة تغنيك عن البحث عن الانسجام مع قطيعه فقط التجربة قد تبرهن لك صواب خيارك أو سوء اختيارك .
كانت القطعان التي يعلو ثغاءها أكثر هي التي تغريني بالانضمام إليها وجربت .. لاكتشف أنه ثغاء منظم بمواقيت ومواعيد وبتسيير من قائد جوقة القطيع أي أنه لا مجال لأن أرتجل ثغائي ..البعض ينظم للقطيع الذي يحصل على علف أكثر جودة وأوفر لكنه في المقابل يجب أن يكف عن الثغاء لأن راعي القطيع رجل يقدس الهدوء . آخرون انضموا إلى قطيع تتم عليه تجارب التحسين الجيني وأغراهم منظر الجلود ذات الصوف الطويل والناعم وكان ترف الدفء والجمال يحثانهم على البقاء فيه غير أنه ثبت أن هذا القطيع لا يعيش طويلا بسبب كل تلك التحسينات الطارئة عليه فاختار راعيه أن يحوله إلى لحوم مائدة وبدوره زود رعاته بذلك الصوف ... لا تحضرني اليوم كل التفاصيل لكن الحديث عن الاختلاف مغري وهو يدفعني إلى مزيد من البحث ..
وإلى أن نلتقي سأكتفي بالقول لا انقطع ثغاؤكم .. ولا نام راعيكم


إرسال تعليق