دع الحُزن وابدأ الحياة

مشاهدات


محمود الجاف 


لم نعُد نحتمل الحياة فالأيام تبدو طويلة . أنا أدون أشياء في أوراقي ولكن في أحيان كثيرة أبقيها في ذاكرتي التي بدأت تَتهاوى من طرقات الزمن ... أشعر بالعجز وخيبة الأمل من كُل من حولي فهُم يكذبون بكل شيء . منها إننا بخير ... استيقظ كل يوم لأجد أطفالًا يستقلون الحافلة التي تُقلهم إلى المدرسة وابنة الجيران تسقي الورود وتنثر الحب وهي تحلم بعالم مليء بالسعادة وثوبا مزركشا وأحلاما بسيطة . أتمنى أن أكون مثلها . لكن . طريقي مليءٌ بالمطبات ...


هل تعلمون ما معنى خيبة الأمل؟

هكذا صنعت منا الأيام . مُنعزلين تُعساء غريبي الأطوار لايُحبهم احد . ليس لديهم أصدقاء . إخوة وأخوات وأب وأم جُلَ ما يعرفوهُ الظُلم والقسوة والأنانية يُوزعون الإنسانية والعاطفة بالعصيِ والصُراخ والتذمر بالتساوي .


العائلة ؟

كم أكره تلك الكلمة ... لم أعد أحتمل من يقول إنها رمز الحنان والأمان فالخير والشر والقُبح والجمال والحُب والسعادة والألم والأمل . كلمات موجودة في قواميس الناس . يتعاملون بها فيما بينهم وأحيانا يطغى شعور مكان آخر . وفجأة يتفوق الشر على الخير وتتغير الصورة وتتجمع الغيوم وتهوي النفس خلف عواصف الفقر وعوالم النسيان وتزمجر صواعق الجوع وتتبدل المشاعر وتقيدنا أساور الخوف ... لكن وفي نفس الوقت يكتب غيرنا قصيدة جميلة فقد نسجت أصابعه تلك المشاعر وحولتها إلى لوحة رائعة فهو شاعر .. أعترف إنني في أحيان كثيرة لم تكن تهمني العواطف . ربما لأنني فقدت شعوري ولم يعد لها قيمة في حياتي فأول هُوة تعثرتُ بها كانت عائلتي . لم أستطع التكيف مع الناس فالمفاهيم لديهم مقتصرة على حب المال والدنيا ... الغدر والظلم والقهر ... هذا هو سبب معاناتنا وعجزنا فنحن نذكر بوضوح مرعب كلماتهم رغم التضحيات والتفوق ... نتذكرها بدقة متناهية ونعرف بأن كل ما حولنا كان شيء مدمر ...


الآن أنا أعيش تلك اللحظات ولا أتوقع إنها أسوأ مما حدث في طفولتي . كنت أتوق إلى النجاح وعشقي للكتابة والقراءة والرسم قد خفف كثيرًا من شعوري بوطأة الحياة ومرارتها . كنت أتوقع من الناس الحب والحنان . وربما أحتاج إلى ضربة حظ . اعرف إنني أدور في دوامة لا حدود لها والإنفعالات تجول في داخلي سواء كانت غضب أو عتب أو كراهية فأحيانًا يتوقع من حولي بأن مخيلتي تختلق الأحداث وترسم صورة مرعبة ... خيبات أمل وكوارث كثيرة تحدث في حياتك . هذا إذا استمرت الحياة ... قد تعجبون من حديثي وتشاؤمي وأنا الذي يوزع الأمل والإبتسامة دوما ولكنني كنت أعوض هذا الحزن الدفين في الانجازات وهو عالم رائع تعلمت منه الكثير من الدروس التي أضفتها إلى قواميسي ... تعلمت كيف اصف مشاعري واكتب القصائد رغم إني متأكدٌ بأن الكثير من الشعر يحمل بين طياته الكذب ويثير في داخلنا شيءٌ من البلادة الروحية والحس الشهواني . امضي في حياتي بصمت غريب ولم يكن التفوق دافعي الوحيد وإنما إثبات الذات وقهر كلمات الفشل . تعلمت أمور كثيرة ...


كثيرًا ما كنت أفكر لو حدث وطردوني من الحرية وقيدوا أحلامي ما الذي سيحدث؟ لم يكن لدي الوقت لأفكر في النتائج لأني كنت أعمل وآكل وأحب في صمت وعندما تعلمت الحديث طردوني لأني أتقنت فن الكلمات وهذه هي الحقيقة ! لابد لي أن أعيشها بكل كياني . عانيت سنوات طويلة تكفي لتثير كما هائلًا من الألم في داخلي ... ولكن آن الأوان لأتركها خلفي وابدأ بالصعود إلى القمة ... 


فابدأوا لأنكم أولى بالابتسامة والنجاح من الفشل والدموع ... 



تعليقات

أحدث أقدم