د. نزار محمود
اصبحنا نقضي جل أوقاتنا مع وسائل التواصل الاجتماعي التي لا حسيب عليها ولا رقيب سوى وعينا واخلاقنا وشعورنا بالمسؤولية تجاه انفسنا وغيرنا وقدرتنا على السيطرة على اهوائنا وشهواتنا ! ان من يعتقد ان الحياة يجب ان تتسم دائماً بالجد دون الهزل وبالحزن دون الفرح وبالبكاء دون الضحك هو انسان لا ينتمي الى حياة طبيعية بيد ان لكل منها مناسبته وظروفه وحدوده .
هذه المناسبات والظروف تملي علينا الفرح كما تعكس فينا الحزن . فإن كان فرحاً فلا عيب ولا ضير في سرورنا وفي بهجتنا وإن كان حزناً فلنتدبر أسبابه في قدرتنا على تجاوزه أو الرضا بقضاء وقدر خالق الكون ومدبره . هذه المسألة يجب ان نراجع أنفسنا حولها ونحن نهيم في قضاء أوقاتنا الطويلة بين صفحات وسائل التواصل الاجتماعي من غث وسمين لا بل وبالأغث من الغث وما أصبح أكثره حتى ان البعض الكثير قد ملوا الجد في وسائل التواصل الاجتماعي وباتوا لا يبحثون الا على الهوى والهزل ! يبدو ان من يريد الجد عليه أن يبحث له عن مكان آخر غير هذه الوسائل. بيد ان المشكلة تكمن في ان المكان الآخر أصبح أرضاً مهجورة ضائعة في صحراء قاحلة على الأغلب . أرجو من القارىء الكريم ان يصحح ما ذهبت اليه في حال ما يجده من خطأ وهو يتصفح اخبار حسابات المجموعات الكثيرة على الواتس أب وفي الفيس بوك وعلى التويتر وغيرها .
لا أدعي لنفسي العصمة في الاستماع ومشاهدة ما تهواه النفس ويعشقه القلب أحياناً من مشاركات كالتي اشرت اليها في حكم الهوى والهزل لكني أعود للبحث عن امور اخرى غيرها . انا اعرف ان هناك من الكثيرين ممن يختزنون حزناً في نفوسهم بسبب انهم يدركون ما يحيط بنا، نحن العرب من ظروف سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية لا تعبر عن واقع كريم ولا تبشر بمستقبل أفضل منه . لكنهم بدل أن يذهبوا في بحث ما يصحح خلل ذلك الواقع ويتجاوز مسبباته فضلوا وربما اضطروا الانغماس في هزل وهوى وسائل التواصل الاجتماعي هرباً من مواجهة ذلك الحزن وأسبابه حتى انهم وعندما توخزهم ضمائرهم أو ما تبقى منها يتداولون ما يعبر عن ذلك الحزن ويلعنون من سببه حرقة أو مداهنة أو حتى نفاقاً !
إرسال تعليق