مجتمعاتنا والإرهاب الفكري والاجتماعي 

مشاهدات

 

 

د. حسين عبد القادر المؤيد



إن المزايدات والدوغمائية ومحاكمة النوايا والجدالات البيزنطية  وتحويل الاختلافات الفرعية الى خلافات جوهرية وعقلية احتكار الحقيقة هي ليست فقط إشكاليات مدمرة  وإنما أوجاع تعاني منها مجتمعاتنا ويئنّ منها العقلاء والأحرار لا سيما حين تتحول الى مواجهات سلوكية في التعامل مع الناس .

 

إنني حين أنظر الى هذه الأوجاع يصيبني الإحباط من وجود مستقبل واعد لمجتمعاتنا التي ستبقى تتعثر وتنتكس بفعل تلكم الإشكاليات . ومن جهة أخرى أجد أن سنن التاريخ  وتنامي الوعي وردة الفعل المجتمعية على تلكم الإشكاليات ستساعد مجتمعاتنا على تجاوز الآفاق الضيقة والذهنيات المتحجرة التي ستنعزل بالتدريج وتتهمش مهما علا صراخها وضجيجها المزعج الذي سيقوّي ردات الفعل ضدها وهذا ما نأمله ونتطلع اليه . لقد ألِفَت مجتمعاتنا نمطية الرأي الواحد  والثنائيات الجدلية فصار الخروج على هذا النمط  وكأنه انتهاك للمقدسات والمحرمات حتى في الأطر التي ينبغي أن يكون مسموحا فيها بالاختلاف الأمر الذي يشل الإبداع والتطور والتجديد . لن يكون ثمة مخرج من هذه الدوامة إلا بمواجهة هذا التحدي دون هوادة ومكافحة عوامل هذا الوضع الوبيل من الأفكار والقوى المعرقلة . لا بد أن يكون في المجتمع رأي عام ضد هذه العوامل التي تشكّل إرهابا فكريا واجتماعيا يرمي الى اختطاف المجتمع  وجعله رهينة اتجاه واحد  يصادر الحرية ويسد منافذ الإبداع .

 

إن الحالة الطبيعية التي هي حق كل فرد ومجتمع هي أن يكون المجال مفتوحا لتعدد الآراء واحترام هذه التعددية وعدم محاولة فرض رأي أو ممارسة الإرهاب الفكري والاجتماعي ضد رأي وترك الخيار  مفتوحا للناس أمام الآراء وحججها وتحكيم الحوار الإيجابي بعيدا عن الانفعال النفسي والاتهامات ويبقى لكل ذي رأي رأيه فهو خياره الذي يتحمل مسؤوليته وحينئذ يشهد المجتمع حراكا ثقافيا حرا وبنّاء تتفاعل فيه الآراء وتتألق الأفكار ويزدهر الإبداع  .

 

 

تعليقات

أحدث أقدم