سحر النصراوي
حديثنا اليوم أصدقائي سيكون عن منظومة العمل .. لن أقول في تونس هذه المرة بل سأقول في البلدان التي يعمها الجهل والمحسوبية ويسيرها الأميون مع تفاوت درجات التعليم .. أجل لأنه قد ثبت وأن التعليم لا يمحو أنواعا كثيرة من الجهل ومن الأمية .. فمغادرة الأمية تتعلق بدرجة من الوعي لا يدركها كثير من المتعلمين . وأنا وحين أتحدث عن الوعي هنا فأنا أتحدث بالأساس عن الوعي الإنساني الغائب تماما عن هذه المنظومة اليوم المحكومة بمنطق التملق للرؤساء الانتهازية الاستغلال من قبل القائمين على تسييرها والمراعاة للمقربين من أصحاب القرار فيها .
أثبتت الدراسات الحديثة أن نسبة 60% من المشاكل النفسية التي يعاني منها الناس اليوم سببها ظروف العمل طبيعته وأشكال الضغط التي يتعايشون معها خلال أداء وظائفهم . لكن هذه الظروف مجتمعة لا يمكن أن تتغير بمجرد التذمر . شعور الاحباط الذي يظل يلازم الموظف خلال يومه الوظيفي لا يمكن أن يختفي بمجرد إعلانه فورة غضب هنالك أمور أساسية غائبة عن هذه المنظومة اليوم يجب إعادة النظر فيها . في البلدان التي تسعى إلى السير خطوة بشعوبها إلى الأمام تمت مراجعات كثيرة في سبيل تحسين هذه المنظومة . وضعت برامج ذات طابع علمي ومنهجي لجعل كل الأطراف راضية . من ضمن هذه البرامج اخضاع يوم العمل إلى تقسيم منهجي لمراقبة حسن سير العمل من جهة ولإنصاف الموظفين من جهة أخرى بمقتضى هذا التقسيم يمكن أن يصنف أداء كل موظف إلى جيد جدا جيد متوسط دون المتوسط مع تحديد النقاط التي يجب العمل على تحسينها و يبدأ تقييم العمل من اللحظة الأولى التي يبدأ فيها الموظف عمله فيكون التأخر في بدء الدوام أول نقطة يجب العمل على تحسينها و تكافأ الأعمال المنجزة بمجموعة من النقاط يتم بناء عليها تحديد أفضل موظف للأسبوع أو الشهر أو السنة .
هذه الفكرة وعلى بساطتها أثبتت نجاعة كبيرة في تحسين سير العمل وجعلت الموظف يواجه مسؤولياته دون محاباة . أما في البلدان المحكومة بالأميين والتي تظل تتراجع إلى حد الرداءة فالعمل لا يخضع إلى أي نوع من قواعد التنظيم يعتمدون الارتجال كمنهج عمل المحاسبة يخص بها الأكثر بعدا عن أولياء الأمر المغضوب عليهم والمكافأة ينعم بها من يرضى عنه رؤساءه أيا كان الأداء وإن يكن رديئا لأن لديه حصانة القرب .....نحن وفي هذه البلدان مازلنا بعيدين أشواطا عن العمل وعن الإنسانية معا ..
وللحديث بقية
إرسال تعليق