العبث بالمادة الـ«79» من الدستور

مشاهدات



غدير محمد أسيري


التعديلات الدستورية تعتبر مع الأنظمة الجديدة بالدول المتقدمة قانونية بالعالم ولا تعد إساءة أو تراجعا اذا كانت تحقق شرط أنها تسهم بمَدنية وتطور القوانين لتحقق التعايش فيها وتضمن الاستقرار لشعوبها بلغة تقبل الجميع فالتعديل لا يقبل اذا كان هدفه تراجع النظام الديمقراطي بهدف تقليص الحريات وسلب حق الاختيار وقمع الأفراد فكرياً فعلى سبيل المثال في المانيا صدر الدستور عام 1949 وعدل عليه بعام 2014 بمواد تتماشى مع القوانين العصرية بالعالم وبالنرويج  صدر الدستور في 1814 وعدل عليه بعام 2016 . لمزيد من الممارسات الفكرية وضمان حقوق الشعب المتعدد الاصول في أسبانيا أيضا 1978 وعدل عليه 2011 ليتماشى مع الأنظمة الحديثة في اوروبا والعالم .

 

في ظل هذا التقدم العالمي الدستوري والتسابق الخليجي في القوانين التنموية بالمنطقة والتغييرات الماراثونية المتطورة نجد المشرع الكويتي في 2022  يتباهى من خلال تجميع تواقيع 27 نائبا من أصل 50 بموافقات مبدئية تعقد في تجمعات غير رسمية مسبقة للتصويت وتحت مسمى ديمقراطية تتماشى مع العدد لا الفكر أو الطرح  لتقديم طلب برلماني جديد سبق طرحه والتحدث عنه في مجلس 2012 من نفس النواب وفق تصريحاتهم لتعديل المادة 79 من الدستور الكويتي التي تنص على أنه «لا يصدر قانون إلا إذا أقرّه مجلس الأمة وصدّق عليه الأمير». ويريد المشرعون ممن يحملون فكراً أحادياً إضافة جملة «وكان موافقاً للشريعة الإسلامية» في النهاية . معتبرين بأنه واجب شرعي ومن باب استكمال تطبيق الشريعة الاسلامية لحماية الشعب والوصاية عليه . وقد سبق هذا الاقتراح بالتعديل وثيقة القيم التي سماها بعض المرشحين ووقع عليها 17 ممن فازوا والبقية ممن تحفظ ولم ينتقد حتى اذا لم يعجبه المشهد حتى لا يخسر بعض قواعد النجاح فترة الانتخابات 2022 وبوسط  كل ما يحدث من تغييرات سلبية وتردٍّ متكرر لحال المواطن وأولوياته نجد تهميشاً للقضايا المهمة لتكون أولوياتنا هي الوصاية على الآخرين وتقليص التنوع وحرية الاختيار فالمطلوب اليوم الوعي لاتخاذ مواقف واضحة من المشرعين في رفض العبث بالمادة 79 من الدستور والتمسك بأسس النظام الديمقراطي وبالطابع المدني للدولة ورفض المساس بهما واي تغيير سلبي للدستور هو عبث للدستور لأنه سيغير الطابع المدني للدولة الكويتية عبر قيام سلطة تشريعية تضع قوانين بمفهوم الوصاية الدينية . وخطورة استخدام مصطلحات التنقيح لتنفيذ أجندات من يحمل العبث بمدنية الدولة والدستور والمساس بمبادئ الحرية والمساواة التي تنادي بها مادة 29 من الدستور والتدخل المباشر في الحرية الشخصية والحياة الخاصة للأفراد وتعارض مبدأ المساواة بين الجنسين .

 

واليوم ما يحتاجه الأفراد بشكل عاجل في الفترة الحالية والقادمة هو حل المشاكل والأزمات التي يعاني منها المواطن ويعاني منها الوطن وتشريع قوانين تحلها وتحقق البرامج الإصلاحية المجتمعية كي تعود الكويت تنافس بالمؤشرات المتقدمة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقانونياً بنظام متعايش . ويجب على النواب الحاليين ضرورة السعي لتحقيق انجازات ومكتسبات واضحة جدية للشعب وصيانة حقوقه وعدم التضييق عليه أو التعدي على حرياته وحقوقه وعدم استبدال الفتاوى الدينية بالتشريع القانوني لتكون مصدر القانون في الدولة .

 

 

المصدر : القبس

تعليقات

أحدث أقدم