اَلْحَرْبُ الْعَالَمِيَّةُ الْأُولَى : 28 يوليو 1914- 11 نوفمبر 1918

مشاهدات



اَلْحَرْبُ الْعَالَمِيَّةُ الْأُولَى عُرفَتْ حينئذٍ بالْحَرِبِ الْعُظْمَى : 

هي حرب عالمية نشبت بدايةً في أوروبا من 28 يوليو 1914 وانتهت في 11 نوفمبر 1918. وُصِفتْ بالتي ستنهي كل الحروب . جُمِعَ لها أكثر من سبعين مليون عسكري 60 ولقي أكثر من تسعة ملايين مقاتل وسبعة ملايين مدني مصرعهم بسببها وتعتبر أيضًا عاملا مساهما في عدد من جرائم الإبادة  الجماعية والإنفلونزا الإسبانية عام 1918 والتي تسببت في ما بين 50 و100 مليون حالة وفاة في جميع أنحاء العالم . تفاقم معدل الخسائر العسكرية بسبب التطور التقني والصناعي للمتحاربين والركود التكتيكي الناجم عن حرب الخنادق القاسية . وتعد أحد أعنف الصراعات في التاريخ وتسببت في التمهيد لتغييرات سياسية كبيرة تضمنت ثورات 1917–1923 في العديد من الدول المشتركة . ساهمت الصراعات غير المحلولة في نهاية النزاع  في بداية الحرب العالمية الثانية بعد عشرين سنة .

 

جمعت الحرب جميع القوى العظمى الاقتصادية في تحالفين متعارضين : قوات الحلفاء (الوفاق الثلاثي وهم المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا والجمهورية الفرنسية الثالثة والإمبراطورية الروسية) ضد دول المركز (الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا) . مع أن إيطاليا كانت من ضمن الحلف الثلاثي مع الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية إلا أنها لم تنضم معهما في حلف دول المركز بسبب خرق الإمبراطورية النمساوية المجرية لشروط الحلف الثلاثي . تم إعادة تنظيم هذه التحالفات وتوسيعها مع دخول المزيد من الدول إلى الحرب : إيطاليا واليابان والولايات المتحدة انضموا إلى الحلفاء بينما انضمت الدولة العثمانية ومملكة بلغاريا لدول المركز. بين عامي 1908 و1914 كانت منطقة البلقان قد زُعزِع استقرارها بسبب مزيج من الدولة العثمانية الضعيفة وحروب البلقان 1912- 1913 والأهداف الروسية والنمساوية المجرية المتنافسة وفي يوم 28 يونيو 1914 قام القومي الصرب البوسني اليوغوسلافي غافريلو برينسيب باغتيال ولي عهد النمسا الأرشيدوق فرانتس فرديناند مع زوجته في سراييفو ما أدى إلى نشوب أزمة يوليو. وفي 23 يوليو أصدرت النمسا-المجر إنذارا نهائيا إلى صربيا. وسرعان ما استقطبت التحالفات المتشابكة جميع القوى الأوروبية الرئيسية مع الإمبراطوريات الاستعمارية الخاصة بها وانتشر الصراع بسرعة في جميع أنحاء العالم . أصدرت الحكومة الروسية في 25 يوليو أوامر «لفترة التحضير للحرب». وبعد قصف النمسا-المجر للعاصمة الصربية بلغراد يوم 28 تمت الموافقة على التعبئة الجزئية من المناطق العسكرية الأقرب إلى النمسا بما في ذلك كييف وكازان وأوديسا وموسكو. تم الإعلان عن تعبئة روسية عامة مساء 30 يوليو. وفي 31، فعلت النمسا-المجر وألمانيا الشيء نفسه، في حين طلبت ألمانيا من روسيا تسريح في غضون 12 ساعة. عندما فشلت روسيا في الامتثال أعلنت ألمانيا الحرب في 1 أغسطس، وتبعتها النمسا-المجر في يوم 6. أمرت فرنسا بالتعبئة الكاملة لدعم روسيا في 2 أغسطس. الدخول الفرنسي في الحرب جاء رغبةً في استعادة مقاطعتي الألزاس واللورين التي تنازلت عنها بعد الحرب الفرنسية-البروسية 1870-1871 والقلق من قوة ألمانيا المتزايدة والالتزامات العسكرية المتفق عليها مع روسيا.

كانت الاستراتيجية الألمانية للحرب على جبهتين ضد فرنسا وروسيا هي تركيز الجزء الأكبر من جيشها في الغرب على هزيمة فرنسا في غضون أربعة أسابيع ثم تحويل القوات إلى الشرق قبل أن تتمكن روسيا من التعبئة بالكامل هذه ستعرف لاحقاً بخطة شليفن. في 2 أغسطس طالبت ألمانيا بالمرور الحر عبر بلجيكا وهو عنصر أساسي في تحقيق انتصار سريع على فرنسا. عندما تم رفض ذلك دخلت القوات الألمانية بلجيكا في وقت مبكر من صباح 3 أغسطس وأعلنت الحرب على فرنسا في نفس اليوم . استخدمت الحكومة البلجيكية معاهدة لندن (1839) وامتثالاً لالتزاماتها بموجب المعاهدة، أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا في 4 أغسطس. وفي 12 أغسطس أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على النمسا-المجر. وفي 23 انضمت الإمبراطورية اليابانية إلى قوات الحلفاء واغتنمت الفرصة لتوسيع دائرة نفوذها من خلال الاستيلاء على الممتلكات الألمانية في الصين ومنطقة المحيط الهادئ. في 24 أغسطس حققت صربيا انتصار كبير على النمسا-المجر في معركة سير. توقف التقدم الألماني إلى فرنسا في معركة مارن وبحلول نهاية عام 1914 استقرت الجبهة الغربية على معركة استنزاف تميزت بسلسلة طويلة من خطوط الخنادق التي تغيرت قليلاً حتى عام 1917. على الجبهة الشرقية دخل جيشان روسيان شرق بروسيا في 17 أغسطس امتثالا لاتفاقهما مع فرنسا عام 1912 لمهاجمة ألمانيا خلال 15 يومًا من التعبئة. أجبر الألمان على تحويل قوات من الغرب لكنهم نجحوا في صد هذا الغزو بانتصارات في تانينبرغ وبحيرات ماسوريان ومع ذلك احتل الروس مقاطعة غاليسيا الشرقية في النمسا والمجر. في نوفمبر 1914 انضمت الدولة العثمانية إلى دول المركز وفتحت جبهات في القوقاز وبلاد الرافدين وشبه جزيرة سيناء في عام 1915 انضمت إيطاليا إلى دول الحلفاء وانضمت بلغاريا إلى دول المركز انضمت رومانيا إلى قوات الحلفاء في عام 1916 وبعد غرق سبع سفن تجارية أمريكية بواسطة غواصات ألمانية والكشف عن أن الألمان كانوا يحاولون تحريض المكسيك على شن حرب على الولايات المتحدة أعلنت الولايات المتحدة الحرب على ألمانيا في 6 أبريل 1917 انهارت المقاومة العسكرية الروسية مما سمح بنقل أعداد كبيرة من القوات الألمانية إلى الجبهة الغربية وفي أبريل 1918 وقعت روسيا على معاهدة برست ليتوفسك مع القوى المركزية لتخرج من الحرب . أنهت ثورة فبراير 1917 في روسيا الحكم الاستبدادي القيصري وجاءت بالحكومة المؤقت لكن استمرار السخط الشعبي على ثمن الحرب أدى إلى ثورة أكتوبر وإنشاء الجمهورية السوفياتية الاشتراكية. كان الهجوم الألماني في مارس 1918 ناجحًا في البداية ولكن الحلفاء احتشدوا ودفعوهم مرة أخرى إلى التراجع في هجوم المائة يوم في 28 سبتمبر طلب قادة الجيش الألماني الهدنة. في 4 نوفمبر 1918 وافقت الإمبراطورية النمساوية المجرية على هدنة فيلا غوستي. ومع حدوث ثورة في الداخل وعدم رغبة الجيش في الاستمرار بالقتال تخلى القيصر فيلهلم عن العرش الألماني في 9 نوفمبر كما وقعت ألمانيا أيضًا هدنة في 11 نوفمبر 1918 والتي عرفت فيما بعد بهدنة كومبين الأولى.

 

نتيجة للحرب استبدلت الإمبراطوريات الروسية والألمانية والنمساوية المجرية والعثمانية بدول جديدة قائمة على القوميات. فرضت القوى الأربع بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا شروطها في سلسلة من المعاهدات المتفق عليها في مؤتمر باريس للسلام عام 1919. كان الهدف من تشكيل عصبة الأمم هو منع حرب عالمية أخرى، ولكن لأسباب مختلفة فشلت في القيام بذلك. الشروط القاسية التي فرضتها معاهدة فرساي على ألمانيا ساهمت في صعود الحزب النازي ونشوب الحرب العالمية الثانية. غيرت الحرب العظمى أجزاء كبيرة من أوروبا والشرق الأوسط بطرق لها تبعات باقية إلى اليوم.


أصل التسمية
في أكتوبر عام 1914 كتبت مجلة ماكلين الكندية (Maclean's Magazine) «بعض الحروب تُسمِّي نفسها هذه هي الحرب العُظمى» وهناك اسم آخر نُشر في نيويورك أوائل شهور الحرب كان بعنوان الحرب العالمية. استُخدم اسم الحرب العالمية الأولى لأول مرة في سبتمبر من عام 1914 من قبل الفيلسوف الألماني إرنست هيكل حيث قال: «أنه لا يوجد شك في أن خشية مسار وطابع الحرب الأوروبية سوف يكوِّن الحرب العالمية الأولى بالمعنى الكامل للكلمة» أيضًا ذُكر اسم الحرب العالمية الأولى في عام 1920 من قبل المؤرخ والصحفي الإنجليزي تشارلز ريبنغتون .
 

تعليقات

أحدث أقدم