11-11 يوم العزاب ...اختيارية أم قسرية ؟.

مشاهدات



سحر آلنصراوي

 

كانت البداية في الصين حيث اخترعت شركة علي بابا هذا العيد لرفع نسبة المبيعات ووقع الاختيار على الرقم 1 متكررا للتشديد على فكرة الوحدة بتكراره في تاريخ 11-11 و لعله أيضا تعبير صريح على أن العزوبية وعلى ما تحمله في ظاهرها من مظاهر الراحة والاسترخاء والحرية فهي تعني أيضا الوحدة . من هنا انطلقت الفكرة إلى العديد من دول العالم ليحمل خصوصية كل بلد إلى أن صار اليوم العالمي للعزاب . هذا التاريخ وما يدور حوله حملني مباشرة على التساؤل  هل العزوبية أو ما تحول لاحقا إلى عزوف صريح عن الزواج  قسرية أم اختيارية ؟؟

 

أنا في الحقيقة لا أمتلك إجابة شافية عن الموضوع و لكنني أستطيع أن أرى وبوضوح مجموع الظروف القسرية التي قد تضطر شخصا ما لاختيار العزوبية . تطورت الحياة في النصف الثاني من القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين بشكل سريع جدا ومطرد وعلى جميع الاصعدة ولعل الأمر بات واضحا وجليا منذ الثورة الصناعية الكبرى إلى حين دخول الانترنت إلى شبكة التواصل والاتصالات وحلول هذه الشبكة العنكبوتية بديلا عن جميع وسائل الاتصال وحتى التواصل الإنساني الاجتماعي والعاطفي . تغيرت مظاهر الحياة الاجتماعية وازدادت الحاجة إلى حلول المرأة كشريك فاعل في مجال العمل وفي شتى الاختصاصات . تغير لنمط الاجتماعي القديم وفي شتى المجتمعات وحلول نمط جديد مرتبط بالمنظومات الاقتصادية الحديثة أدى إلى تغير نمط العيش  خلق احتياجات جديدة وضرورات معيشية غيرت شكل شتى العلاقات فكان من الطبيعي وكنتاج لهذا التغيير أن يتغير حتى شكل احتياجنا للآخر وطبيعة علاقتنا به . هذا التطور لامس جانبا كبيرا من المجتمعات التي كانت ترفض في البداية الصيغة الجديدة لوجود المرأة  في مجتمعها . غير طبيعة علاقتها بالآخر وحملها من التبعية إلى الشراكة . هذه الشراكة التي لم تجعل منها عدوا كما قد يرى الرجل في المجتمعات الذكورية  بل بالعكس خفف الحمل عنه وحملها جانبا من المسؤولية الاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية . بهذا قد نرى الرجال في بعض هذه المجتمعات يصرون على البحث عن الصيغة القديمة لهذه العلاقة والتي لم تعد صالحة لمتطلبات وضرورات الحياة التي نحياها اليوم . من جهة أخرى فإن هذا التطور قد تزامن مع خلق أنماط عيش استهلاكية أميل إلى الترف والرفاه لا يستطيع الجميع مجاراتها ولا تحمل نفقاتها رغم تعلقهم بها الأمر الذي خرج بالعلاقة بين الرجل  المرأة من إطارها الديني الانساني والعاطفي إلى شكل جديد من العلاقات المبنية على مبدأ التبادل المصلحي كصيغة أفضل لنجاح هذه العلاقة  الأمر الذي أثبت فشله التام وفي شتى المجتمعات . 

 

كل هذا وأسباب اقتصادية قاهرة كضعف الأجور غلاء المعيشة  تأخر الوظيفة صعوبة الحصول على سكن في بعض المجتمعات عدم رغبة بعض النساء عن التنازل عما كانت لتطلبه أمرأة في القرن الثامن عشر من رجل ميسور الحال وأسباب اجتماعية قائمة على أن الارتباط يخضع لنموذج واحد على الجميع اتباعه . جعل كلا الطرفين على حد سواء يرى في الارتباط عبئا قد لا يسهل حمله وخلق حالة خوف بل وذعر في بعض الأحيان من اتخاذ هذه الخطوة . هنا أعود للقول أن العزوبية وكل ما يزينها من صيغ الحرية والرفاه والمغامرة .. ليست الصيغة الأمثل لتواصل الحياة ليست الصيغة الأمثل لتحقيق التوازن وليست الصيغة الأفضل لتحقيق السعادة . لأن أجمل صيغ الانسجام و التوازن تتحقق في الثنائيات .





تعليقات

أحدث أقدم