السرقات المشرعنة في عراق اليوم

مشاهدات




د. نزار محمود


عندما نسمع بكلمة سرقة أو سارق تثور فينا الحمية ونتأهب للرفض وللاستنكار والمطالبة بالحساب والعقاب. فهذا الذي سرق دجاجة في تلك القرية أصبح طوال حياته يكنى بسارق الدجاج ووصل به الحد أن مات أعزباً لانه لم يرض أحد بتزويجه ابنته !


أما حكم الدين بقطع يد السارق أو السارقة فهذا حكم رادع تهابه النفوس وتحسب له ألف حساب . أتساءل وأحاول أن أتصور اليوم لو أن مثل هذا الحد أقيم في العراق ! فكم سنحتاج الى معاونين لوزرائنا ونوابنا وغيرهم من المسؤولين ليعينوهم على الكتابة بعد أن يفقدوا أيديهم جراء اقامة الحد عليهم ؟!! نسمع يومياً وفي تمثيليات أصبحت ممجوجة ومدروسة في توقيتاتها قرارات وأحكام هيئات النزاهة والقضاء بحق سين وصاد من الحرامية لكنها ليست اكثر من المثل الذي يقول: ما لي اسمع جعجعة ولا أرى طحيناً .   مسكينة مديرة تلك المدرسة التي قالوا عنها وضبطوها متلبسة بجريمة أخذ رشوة عن قبول تلميذ في مدرستها في الصف الأول ! تحضرني هنا ما يروى من حكاية لأحد حكماء الموصل المكنى بداوود جلبي عندما رأوه في سوق للسمك وهو يشم سمكة من ذيلها للوقوف على فسادها. تعجبوا من أمر ما يفعل. اقتربوا منه وسألوه بنوع من الخبث جلبي : نراك تحاول شم السمكة من ذيلها للوقوف على صلاحيتها في حين بعرف الجميع انه يجب شمها من رأسها !! رفع رأسه ونظر في عيونهم إبتسم وقال : آني أعرف ان رأس السمكة “جايف” لكني أردت أن أتأكد : هل أن تلك “الجيفة” قد وصلت الى ذيلها أم بعد!! فاذا كانت مناصب الرؤساء والوزراء والنواب والمدراء العامين والسفراء والقادة العسكريين والقضاة وغيرهم تباع وبالرشاوي تشترى، فما بالك بمن يسرق ويرتشي ويتقاضى العمولات عن مشاريع وعمارات لا تراها العين ولا يحس بها من بشر .


يشرعون قوانين رواتب ومخصصات ومكافآت وتعويضات نهاية خدمة ما أنزل الله بها من سلطان ولا تعرف دول العالم مثيلاً لها. يعينون سين من الناس لهذا المنصب أو ذاك دون كفاءة أو وجه حق. يفتون بنهب المال العام والملايين من أبناء الوطن بين عاطل عن عمل وجائع ومريض لا يلقى العلاج ولا الدواء. هل سيطرح السيد السوداني على نفسه مثل هذه الأسئلة وهل سيمتلك الوعي والجرأة على تصحيح ما يجري من انحراف؟! نرجو ذلك منتظرين.



تعليقات

أحدث أقدم