سفارات لمَن ؟ ولماذا؟

مشاهدات


سناء الجاك


يقول الخبر إن الدولة اللبنانية ومنذ ثمانية أشهر لم تحوّل النفقات التشغيلية للبعثات الدبلوماسية والتي تشمل بدلات إيجار الشقق والمباني التي تستخدم كسفارات وقنصليات عامة ومنذ أربعة أشهر لم يتلقَّ الدبلوماسيون رواتبهم  ولم يتحرّك المسؤولون لحلّ هذه الأزمة التي تضرّ بسمعة لبنان . متن الخبر لا يتنافر وصلب يوميات الواقع اللبناني وكما يستحيل تحويل دولارات المودعين من لبنان إلى الخارج أو حتى الحصول عليها في الداخل كذلك يستحيل تحويل رواتب الدبلوماسيين بالعملة الصعبة . ما يعني أننا في أزمة لا تختلف عن غيرها من الأزمات المرتبطة بالواقع الزفت الذي نحن فيه . أما المثير للاستغراب وربما للسخرية والضحك فهو الخاتمة التي تتحدث عن سمعة لبنان . 

 

ويا سلام !! أي سمعة بقيت وينبغي المحافظة عليها... أو كأن المسك كان ليفوح منها لولا أزمة رواتب الدبلوماسيين والخوف عليهم من التحول إلى homeless في بلاد الله الواسعة لأن دولتهم العلية باتت عاجزة عن تسديد بدلات السكن لهم . أو كأن الإضراب التحذيري الذي يلوِّحون به يقدم أو يؤخر فاللادولة التي تربض على أنفاسنا يزدري المتحكمون بها السفارات والسفراء والسياسات الخارجية التي يفترض أن تربط لبنان بمحيطه العربي وتؤمن له الامتداد الدولي وتفضل الانغلاق حتى يسرحوا ويمرحوا بلا تشويش او انزعاج من خارج ما يوفد عملاءه لينال من عزتها وكرامتها ويتآمر عليهم ويتدخل في شؤونهم السيادية ويكشف ارتهانهم لاحتلال يتباهى بسيطرته على قرارنا . ونحن في واقع انتفاء الحاجة إلى مثل هذا الترف لأن كله لاحقٌ ببعضه . والسلك الدبلوماسي برمته أصبح لزوم ما لا يلزم في الصيغة اللبنانية الممسك بها من يصرخ وبهستيريا على كل منبر منادياً بالعداء للعالم والوفاء لمحور الشر الممسك بخناقنا في احتلال لا يفهم إلا لغة الدم على ما تظهر المشاهد المستوردة من العراق . في الأساس سفارات لمن ؟؟ ولماذا ؟؟ فنحن في غنى عنها ما دام وزراء خارجيتنا ومنذ عهد الوصاية السورية تابعين لغير بلادهم . وكلنا نذكر مقولة الأمين العام السابق للجامعة العربية عندما نَهَرَ وزير خارجيتنا المتردد في موقف بلاده بانتظار إشارة من وزير خارجية الدولة الوصية بقوله : «ما تبصش لفاروق (الشرع) يا محمود (حمود) ..».

 

وكلنا نذكر كيف تحولت وزارة خارجيتنا بعد ذلك إلى ذراع  ثانوية للذراع الرئيسية للمحور فكنا ننفذ مطالب الولي الفقيه ولا ندين العدوان المبين على السعودية مثلاً ونخرج عن إطار التوافق العربي لنلتحق بالعزة والكرامة التي تبيح نهب مقدّرات البلاد والعباد شرط البقاء في المحور . بالتالي هل يحتاج لبنان سفارات لتحتفل بعيد الاستقلال فقط ؟؟ وكيف ستؤمن هذا العام ثمن الاعلام اللبنانية ؟؟ أو انها لن تحتفل ؟؟ هل يمكن للسفارات متابعة شؤون اللبنانيين حيث توجد ؟؟ ماذا يمكن أن يقول سفير لبنان في الولايات المتحدة عن هادي مطر الذي حاول اغتيال سلمان رشدي ؟ ماذا عن شبكات الإرهاب والاغتيالات وتهريب المخدرات ؟؟ وهل بقي للسفراء أي دور حتى لترتيب عقد معاهدات تربوية وهم ينتمون إلى بلد تسرب نحو 50% من طلابه لأن المدارس الخاصة تفرض تسديد رسومها بالدولار النقدي ولأن المدارس الرسمية لا تملك ثمن الطبشور ؟؟ أما عن التجارة والاقتصاد فحدث بلا حرج ... تولتها المافيات وبات سعي الدولة في هذا الإطار مشكوراً . وإلا فليفسّر لنا أي مسؤول سبب ارتفاع سعر الليمون الحامض إلى أكثر من ستين ألف ليرة ؟؟ هل يمكن للسفراء أن يتقصوا لنا في الدول التي يعملون فيها عن مصير ليموننا الحامض ؟؟ الأرجح أنهم يعجزون عن هذه المهمة العسيرة . فمن في الداخل من مسؤولين يعجزون عنها وعن غيرها ولا يملكون الجرأة لمراقبة عمليات التصدير ... فالمطار والمرافئ والحدود الفالتة لا تخضع إلا للحاكم بأمر وليِّه . بالتالي يبقى تهريب الكبتاغون أشد فتكاً بسمعة لبنان من تهريب الليمون الحامض ... ومن إفلاس اللادولة المتمنعة عن دفع تكاليف سفارات ورواتب سفراء !! يلفت موقع نداء الوطن الإلكتروني إلى أنّه ليس مسؤولًا عن التعليقات التي ترده ويأمل من القرّاء الكرام الحفاظ على احترام الأصول واللياقات في التعبير .

 

المصدر :  نداء الوطن

تعليقات

أحدث أقدم