من قتل أصحاب القارب ؟

مشاهدات


د. نزار محمود


ودعوا امهاتهم والدموع تسيل على خدودهم واحلام ايام الغد تراودهم وتدفع بهم الى عرض البحر الذي كان يخبيء لهم استقبالاً حزيناً في ضمهم بين طياته . ودعونا على عجل لأنهم لم يعد يستطيعون البقاء في بلد لا يحسسهم انهم ابناءه إنتساباً وكرامة وأماناً ولقمة عيش .


قبل أيام من شد الرحلة طالعنا تقرير الأمم المتحدة بأن ذلك البحر الطاهر باسم لونه الغدار بأمواجه كان قد التهم ما يزيد عن 57 ألف ممن ركبوه هرباً الى لقمة الخبز والحرية خلال اقل من عشرة سنوات . كل ذلك حدث ويحدث يومياً أمام مليارات من البشر ومئات من الدول والشعوب وآلاف من المنظمات والمؤسسات المعنية والمسؤولة . نتبجح  بمدنيتنا وحضارتنا وما توصلنا اليه من علوم وتقنيات ووفرة انتاج وتقدم وننسى أو نتناسى بأن هناك الملايين من أمثالنا من البشر يخوض البحار ويتيه في الغابات ويقطع آلاف الكيلومترات هرباً الى فردوس يحلم بها . هذا من اغرقته المياه وذاك من قتله البرد وثالثاً انهكه التعب فسقط دون حراك . لماذا يهرب شبابنا العربي وما الذي يبحثون عنه ؟ ومن المسؤول عن موتهم أو ضياعهم أو خسارتهم ؟ من هم المستفيدين من ذلك ؟ يهرب شبابنا عندما تطردهم بلدانهم أو تلك الارض التي لا تحب بقاءهم على ظهرها. تطردهم جوعاً وفقدان أمل وأمان ويجذبهم بريق الحياة والحرية على الجانب الآخر من ذلك البحر .

 

قتلهم أولئك الذين يتصارعون على السلطة وكراسي الحكم غير القادرين سوى على عمالة أو سرقة مال أو نهب ثروة أو على عصبية سياسية عمياء حمقاء . قتلناهم نحن جميعاً ابناء جلدتهم في بخلنا وجبننا وأنانياتنا وتقاعسنا عن أداء واجباتنا تجاههم كم منا يملك الملايين وربما المليارات المكدسة في عقارات وبنوك غيرنا واسهم شركاتهم وسندات خزائنهم ؟ يستقبلهم من يبنون بهم أوطانهم ويتجاهلون ما يعشش بين ظهراني اوطاننا من خراب ودمار واغتصاب واحتلال مستفيدين من ثرواتنا كبقرة حلوب لصناعاتهم وأسواقهم . نعم لم يقتلهم ذلك القارب الذي أغرقهم ولا تلك الموجات التي التهمتهم بل نحن المذنبين ابناء اوطانهم ومن يغريهم ويستقدمهم ويستخدمهم . رحم الله شهداء القارب والهم امهاتهم وأهليهم وذويهم الصبر والسلوان .

 

 انا لله وانا اليه راجعون

الفاتحة

تعليقات

أحدث أقدم