كيف يكون وضع التيار الصدري بعد تنحي الحائري عن المرجعية ؟

مشاهدات


 

د. حسين عبد القادر المؤيد


 نناقش هذا الأمر - حسب المعايير الفقهية المقررة عندهم - في ما يلي :-

 

1- انبثقت مرجعية الحائري للتيار الصدري من إرجاع الصدر الثاني اليه . وجاء إرجاع الصدر الثاني الى الحائري على اعتبار تفوق مدرسة محمد باقر الصدر على سائر المدارس الاجتهادية المعاصرة في الحوزة و كون الحائري الرقم الأول علميا في هذه المدرسة حسب تقييم الصدر الثاني والذي كان يرى نفسه أعلم منه وأحق بالتقليد ولذا تأتي مرتبة الحائري عنده بعد خلو موقع المرجعية منه .


 2- معنى رجوع مقلدي محمد الصدر الى الحائري يتجسد في :

أ- البقاء على تقليد محمد الصدر بفتوى المرجع الموصى به .

ب- تقليد المرجع الموصى به  في المسائل التي ليس للصدر فيها فتوى وكذلك في احتياطاته .

ج- إعطاء الخمس و الحقوق الشرعية له .

د- الرجوع له في الأمور العامة والخاصة التي تخضع لولاية الفقيه .

 

3- الملفت للنظر والاستغراب أن الصدر الثاني هل كان يعلم بأن الحائري خاضع لولاية خامنئي أو لا يعلم ؟ لأن الحائري يفتي بولاية الفقيه وأنها برأيه سارية حتى على الفقهاء ويقول بأن مصداق هذه الولاية هو خامنئي وبالتالي يكون الإرجاع اليه بمثابة الإرجاع الى خامنئي لأن عمله في الشؤون العامة لن يخرج عما يريده خامنئي بما في ذلك إصدار الفتاوى في النوازل أو الامتناع عن الفتوى فيها .

4- إن إرجاع الصدر الثاني الى الحائري ليست له قيمة مطلقة من الناحية الفقهية فلا  يدخل في باب الوصايا النافذة فقهيا وهو ليس سوى شهادة منه باستجماع الشخص المُرجَع اليه لشرائط المرجعية فإذا تعارضت هذه الشهادة بشهادة غيره من أهل الخبرة  فلا حجية لها وبالتالي كان الواجب على مقلدي الصدر الثاني الالتزام بالمعايير الفقهية في اختيار المرجع ولا يلزم من ذلك اتفاق مقلدي الصدر الثاني على مرجع واحد بعينه . و لم يكن لمقتدى إلزام مقلدي الصدر الثاني بالرجوع الى الحائري .

5- إذا كان مقتدى معتقدا بإرجاع أبيه الى الحائري كان الواجب عليه حسب تقليده لوالده الالتزام الحرفي بهذه المرجعية سواء اختار الحائري الإقامة في النجف أو البقاء في قم إذ لا أثر لذلك في وجوب الالتزام بمرجعيته فقهيا وحينئذ لم يكن يجوز لمقتدى مخالفة فتاوى الحائري في الشؤون كلها ولا تكتسب أفعاله وقراراته لتياره الشرعية بدون إمضاء المرجع . وهذا ما لم يلتزم به مقتدى الأمر الذي ينعكس سلبا على أتباعه من الناحية الشرعية إذ لا تكون طاعتهم لمقتدى مشروعة بحسب موازين الفقه الشيعي في هذا الموضوع . ويتحمل الحائري المسؤولية في سكوته طيلة المدة السابقة عن هذه الخروقات وكان عليه التصريح بما صرح به في بيان التنحي واكثر . وإذا فرضنا تغير الموقف الشرعي لمقتدى من إرجاع أبيه الى الحائري وجب عليه الرجوع الى مرجع آخر تتواجد فيه الشرائط ومنها الأعلمية وإلا كانت تصرفاته الخاصة و العامة غير شرعية مضافا الى أنه لا يجوز له شرعا إلزام تياره بالرجوع لهذا المرجع .

6- بما أن الحائري قد أعلن تنحيه عن المرجعية معترفا بقصوره عن القيام بواجباتها ومتطلباتها فعلى مقتدى في هذه الحالة الطاعة وتطبيق كل وضعه وأعماله في الشأن الخاص والعام وفق فتاوى وتوجيهات مرجع آخر وإلا فقد الشرعية ولا يجوز للتيار الصدري اتباعه وطاعته . و يجري على مقلدي الصدر بمن فيهم التيار الصدري ما ذكرناه في النقطة (4).

7- هل في بيان الحائري إرجاع الى خامنئي في التقليد ؟ الجواب كلا وإنما هو دعوة للالتزام بقيادته وولايته العامة فقط  ولا يستلزم ذلك تقليد خامنئي في الأحكام الفقهية التي لا تتصل بالولاية العامة . وهل دعوة الحائري للالتزام بقيادة خامنئي وولايته ملزمة شرعا ؟ الجواب كلا . فهذه الدعوة رأي شخصي للحائري ليس له صفة الإلزام الفقهي لا سيما وأن الحائري من الأصل غير واجد لصلاحية التدخل في الشؤون العامة .

8- إن تحويل مقلدي الصدر الثاني الى تيار ديني أو سياسي مضافا الى كونه خطأ كبيرا فهو لا يمتلك الشرعية بحسب معايير الفقه الشيعي فمقتدى ليست له أية صلاحية للتدخل في الشأن العام فضلا عن القيادة وحتى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له شروط وضوابط وإذا كان جماعيا فيحتاج الى قيادة ومواصفاتها لا تنطبق على مقتدى .

9- ليس الصدر الثاني وحركته أهم من الصدر الأول وحركته ولم يتحول مقلدو الصدر الأول الى تيار يتزعمه فرد من آل الصدر أو غيرهم وبقيت المساحة مفتوحة لمقلدي الصدر الأول في تحديد خياراتهم الدينية والسياسية . وليس في أدبيات وتاريخ الشيعة الاثني عشرية أن تتحول أية مرجعية مهما كان وزنها الى ما يضاهي الإمامة بل مثل هذه الحالة في تاريخ الشيعة أحد أسباب انقساماتهم الى فِرَق .

ويتحمل الحائري وكذلك مرجعية النجف مسؤولية تمرير هذه الحالة التي أضرت بالمجتمع والبلد والدولة . فكيف يُسمح بتحويل مقلدي مرجع الى تيار تابع تبعية عمياء لشخص فاقد للأهلية الفقهية والسياسية لمجرد كونه ابنا لذلك المرجع  يعبث بالبلاد والعباد؟.


تعليقات

أحدث أقدم