أزمة العراق بين الموضوعي والشخصي

مشاهدات


د. نزار محمود


العراق بلد تسكنه غالبية عربية تنقسم بين شيعة وسنة الى جانب الكرد السنة في غالبيتهم وأقليات أثنية ودينية أخرى . هذا العراق الذي ورث حضارات وادي الرافدين واحتضن عواصم امبراطوريات وخلافات وتوافرت له من الموارد الطبيعية الكثيرة عاش حروباً وصراعات وأزمات على مدى حياته . وكان أن تنوعت تلك الصراعات بين داخلية وخارجية وبين موضوعية وشخصية في أسبابها وحيثياتها . ومنذ عقدين من الزمان يعيش العراق أزمة وجود حقيقي على اثر غزو الولايات المتحدة الامريكية له واسقاط نظامه البعثي السابق وتسليم مقدراته لفصائل طائفية تأتمر سراً وعلانية بأوامر ايران دولة الولي الفقيه الشيعية الفارسية التي باتت عتلة يستخدمها توازن المصالح الدولي في التفتيت والهيمنة والنهب والابتزاز للمنطقة العربية والاسلامية . أحاول في هذا المقال تسليط الضوء على الجوانب الشخصية في أسباب أزمة الهوية الوطنية للعراق وبقائه كدولة ذات استقلالية وسيادة ناهيك عن ما يعانيه من مشاكل اقتصادية وثقافية واجتماعية وخدمية .

 

الأسباب الموضوعية في الازمة العراقية :

أشرت في بداية المقال الى ما يتمتع به العراق من موارد طبيعية كبيرة مثل البترول والغاز والفوسفات والكبريت وحتى اليورانيوم الى جانب مساحات الزراعة والمياه وقبل هذا وذاك شعبه الذي يحمل في طيات ذاكرته التاريخية ما يدفعه الى الفخر والانجاز والابداع والابتكار . هذه الموارد والطاقات والصور التاريخية لها وجها الآخر الذي يدفع في اتجاه الصراع والتناحر عليها وبالدرجة الأساس من الخارج طمعاً فيها او التعامل معها وفق أجندات مختلفة. يضاف الى ذلك الموقع الجغرافي لهذا البلد في جوانبه المتعددة ومنها موقفه على اختلاف الاطياف السياسية التي حكمت العراق الحديث من القضية الفلسطينية و” دولة اسرائيل”. ومن أجل التمكن من الهيمنة والابتزاز راحت دول الغرب على وجه الخصوص الى السعي باتجاه ما يمكنها من ذلك في سياسات فرق تسد في المجالات السياسية وما يعمق فيها خنادق التضارب من عرقية ودينية وطائفية وطبقية مستغلة الجهل والتخلف والضعف ونوازع ومصالح وأنانيات شلل من ابناء العراق أو من المحسوبين عليه .

 

الأسباب الشخصية في الأزمة العراقية :

تلعب الأسباب الشخصية في المجتمعات غير المتحضرة دوراً أساسياً في صنع الأحداث وكأن تلك المجتمعات كتلاً تأتمر برؤساء قبائلها وعشائرها ولدى بعض الطوائف بمرجعياتها الدينية والروحية . حتى في ذات القبيلة أو الطائفة أو الحزب الواحد قد تقوم نزاعات شخصية تأتي على الأخضر واليابس . ان ما عشناه في العراق الحديث مثلاً من نزاعات وصراعات سياسية ودموية داخلية إنما يقوم في غالبيته على أسباب شخصية بحتة سواء ما تعلق منها بحدود الادراك أو ما تعلق منها بالخصائص النفسية المتميزة في الإنسان العراقي . هذه النزاعات والصراعات التي أدت وتؤدي إلى دمار وعدم استقرار سياسي وتمزق اجتماعي وتشوش ثقافي وضياع للهوية والراية الوطنية وبالنتيجة الى مزيد من التخلف والضعف .

 

ازاء ما جرى التلميح له من موضوعي وشخصي وأثره في أزمة العراق الحالية يحضرني قول قس بن ساعدة الأيادي :

“ أيها الناس اسمعوا وعوا... واذا وعيتم فانتفعوا”


كفانا أيها العراقيون عبثاً بأقدارنا وهدراً  لثرواتنا واستخفافاً بكرامتنا وتضييعاً لدورنا الإنساني .


تعليقات

أحدث أقدم