لقائي مع مريم رجوي وفريقها قصة سفر

مشاهدات

 

بيرام الداه اعبيد

أي لقاء جميل هذا الذي جمعني في تيرانا، عاصمة ألبانيا بالزعيمة مريم رجوي!!. خلال لقاء خاطف للأسف التقيت بمجموعة من النشطاء الإيرانيين مع قائدتهم مريم رجوي المسلمة الديمقراطية وزعيمة التيار المعارض لحكم رجال الدين الشيعة في إيران . بوصفها تمثل طليعة في بلد مركزي من آسيا فإن كفاح مريم رجوي الباهظ الثمن الذي تدفعه مع رفاقها على درب الديمقراطية ألهمني الكتابة حولها .



تواصل مريم رجوي تحقيق نيتها النبيلة في إيقاف تدفق أو إلغاء أو إصلاح دعوى "الوسيلة" في الشأن الروحي المعلنة من جانب واحد حول مصير المجتمعات والدول في أرض الإسلام. فالكتب السماوية المقدسة بما فيها القرءان الكريم وأفعال الرسول عليه الصلاة والسلام والسنة المؤكدة لا يبوّب أي منها ولا ينصح باعتماد أو وضع فقه يقفز إكراهاً على إرادة الشعب حتى ولو تعلق بالعبادة. بالنسبة لفرض سلطة خلاص روحي لضمان سير حياة مجتمع ما فإن تجربة الميتافيزيقا السياسية التائهة في العالم لم تنتج أبدا غير الإستبداد واستباحة الأعراض والأموال مع التفاوتات الهائجة بالإضافة إلى عنف لا حدود له. بينما تمنح ممارسة السلطة بصفة دنيوية القدرة على التغيير الدينامي على أساس الحوار والوساطة والتفاهم عبر صناديق الاقتراع. وهكذا بالمعنى التقني والخلقي والعلمي ومن خلال فنيات التصالح وبفضل الوجهات المختلفة للتصويت الدوري فإن اللباب السياسي الإغريقي - اللاتيني يصبح إنباتاً لكونية قوية لدرجة أنها تدفع وتصرع كل سنة أمراء وملوكاً وطغاةً ومنافقين. إن عقلانية المشروع وانفتاحه على الآخر وتوجهه لحقن دماء المواطنين أمور تصنع الفارق مع دكتاتوريات المتزمتين أو سلط الذين تذهب بهم أوهامهم المخبولة إلى محاولة السيطرة على التاريخ



إذا لم ندفن الرؤوس كي لا نرى الواقع باسم الاعتزاز أو العُقد فإن أي بديل تطبيقي أو أخلاقي لا يجرُؤُ على منافسة الديمقراطية وأسبقية حقوق الفرد.  وفي وجه الواقع البديهي فإن ماكنة الظلامية تتأخر رغم الاندحار في طرح أسلحتها. إلا أن مريم رجوي بثباتها وإخلاصها وتصميمها تهديهم اليوم إلى باب الخروج والخلاص



رحلة هذه المرأة الشهيرة تحكي لنا عن قصة أخرى للمسلمين والنوع البشري حيث لم تعد المرأة طُعما للسلطان كما لم تعد الخادمة الأبدية والأداة الملبية للرغبة وطريدة المفترسين من الشاذين المولعين جنسيا بالقصر.



في محيط مريم رجوي (مع أنها تغطي رأسها ولا تصافح الرجال) لا يبرز واجب الحجاب أو تحريم المصافحة أو الخجل من الجسم أو نوعية الثياب. ففكرة الطهر بالمظهر الغريبة لا مكان لها هنا. هذه القائدة المعجونة من معارف الماضي ( وقد استفادت خزاناً من الصبر اللامتناهي) لا تجهل أن "كل امبراطورية ستنهار": إنه عنوان وملاحظة مصلح العلاقات الدولية الفقيد جان بابتيست ديروزيل. وكما هو حال مؤطر الدراسات الدبلوماسية النقدية هذا، فهي لا تضحي بصبرها لأن ثباتها يزيل خدعة الزمن ويروضها. إنها تتذكر التقطيعة الإدارية المشرقية لجانكيس خان وتيمور لانك وداريوس الأخميني والحروب الصليبية والفتنة بين المسلمين على حكم الخلافة في الأمة و كذلك تجارة الرقيق وإبادة الهنود الحمر والاستعمار والمحرقة والمعتقلات النازية.



تعرف مريم رجوي أن موروثات هتلير واستالين وماوو وبول بوت والخميني والقذافي وبيتر بوتا وآخرين كثر تتعاظم بيننا بشكل سري في الغالب حتى تَبرُز أضرارها تحت تصفيق الحشود قبل أن يسود الرعب والتغني بأمجاد "الملهم المنقذ".



الجبابرة يعلنون على الدوام أنهم سيحققون السعادة للجميع وعندما لا يتمكنون من تحقيقها يتعهدون بإسعاد الناس بعد الموت. إن سلطة تبيع الجنة لمواطنيها إنما توقع في المستهل إفادة تعسة بفشلها القادم. ويتوجب إنهاؤها فورا لما تبدأ تتعثر وتتلعثم. لأن حيطة من هذا القبيل تملي علينا أن نخيط مقاسا للزمن الخاص بسقوطها. ومهما كانت الفترة وفي أي مكان من العالم فإن الحكمة تعلمنا أنْ لا جدوائية لضرب الحديد وهو بارد.



لقد تعلمت الدرس من مريم رجوي وفجأة تذكرت موريتانيا وعلاقتها بالرق. في الأزمان المنصرمة يحدد "محتكرو ومفسرو العلاقات مع الرب" لأجدادنا الطريق الذي يجب أن يسلكوا في محيط الأسياد لكي يستحقوا ثواب الله والعيش الأبدي مع الصدّيقين. واليوم يفسر لنا من ورثوا نفس الفئة الظالمة كم أن التقوى وحدها تمكّن من الخلاص الأخروي. إنهما تنظيران متعارضان في الظاهر لكل منهما مرجعية تختلف في محصلتها حسب مصالح الأقوى. من يخدع من؟ وعلى مدى كم من الزمن؟ لا أهمية كبيرة لمفارقة المثال فمهنة رجل الإطفاء المولع بإشعال النار تخفي العديد من فرص التحايل على الأرض. إن التلاعب بالدين يحمل في طياته مخاطر سباق الجماهير في مجال التقتيل.



في مدينة تيرانا إلى جانب البطلة مريم زرت حي أشرف 3 الذي بناه اللاجئون الإيرانيون. وأبدى لي معرض شهداء الكفاح ضد دكتاتورية الشاه بهلوي والفقيه الخميني مدى جراءة الحلم بجمهورية علمانية في إيران. هنا في تيرانا أحسست بالطمأنينة أمام كل تناقض وأنا بمنأى عن التمييز على أساس الجنس وعن التكفير والفكر السحري وردات الفعل العنيفة. وهكذا نظرت من الأعلى إلى المادة 306 من القانون الجنائي الموريتاني وبندها المتعلق بسد باب التوبة عن بعض المدانين بالردة. ومجددا ألتزم لنفسي بأن أبطل هذا القانون على حد سواء مع قانون العفو الشهير المعد سنة 1993 لمنع معرفة الحقيقة حول ما جرى من تجاوزات. يجب أن نطبع مع واقعنا ومشاكلنا بصفة صادقة وشجاعة وسلمية وقانونية وإنسانية لقد حان وقت العدول عن المجاملات ذات الطابع الانتخابي كذا الأعذار المرحلية
الهيابة . فالظلم المتبلور يدعو إلى إعادة تأسيس العقد الاجتماعي.


لقد أكدت مريم رجوي نضالاتي الخارجة عن المألوف القديم وزادت صرامة إرادتي في خدمة مُثُل العمل القائم على الجهد والتنوع والتقاسم والمسرات. وسيسعدني أن منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة بقيادة مريم رجوي يتمكنا من التخلي نهائياً عن العمل المسلح وحينها سيزداد إرتباطنا بهم عن طريق حبل إنساني متين آخر وهو سلمية النضال.

تعليقات

أحدث أقدم