د. نزار محمود
يعج تاريخ العراق بالرموز الوطنية في جميع مجالات الحياة الحضارية وهو يخص جميع الاقوام والطوائف والملل التي عاشت بين ظهرانيه .
ما ينبغي أن يؤلم وطنياً هو قيام الكثير من "المثقفين والعلماء والمفكرين والكتاب" العراقيين على اقتصار تناول انجازات أبناء شعبه على أسس طائفية سواء أكانت عرقية أو دينية أم مذهبية أم سياسية وحتى مناطقية . فالعرب لا يفخرون الا بالعرب ولا يحتفون بغيرهم وهكذا الكرد والتركمان وغيرهم . والشيوعيون لا يقيمون الأمسيات ولا يمجدون إلا رفاقهم ومناضليهم وهكذا البعثيون والاسلاميون والسنة والشيعة والمسيحيون . ولا ينتهي الأمر عند حدود ذكر المنجزات بل المبالغة والتقديس الى حد "التأليه" أحياناً ناهيك عن استناد البعض منها على تشويه غيرهم والانتقاص من انجازاتهم . وهكذا نعيش لقاءات الاشادة واستذكار انجازات بعضنا وفق : كل قوم بما لديهم فرحون ! من جانب آخر فقد يذهب البعض حتى الى انكار وسحق ومحو كل منجز للآخرين ممن لا ينتمون الى فريقه أو فصيلته !
اذكر انني في بداية ثمانينات القرن الماضي حضرت اجتماعاً لعمداء الكليات والمعاهد العراقية فقام أحدهم مقترحاً ومطالباً بتغيير عناوين شوارع وساحات عامة تحمل اسماء رموز من العهود "البائدة"! وللأمانة التاريخية جاءه جواب مزدر موضحاً أننا بعملنا هذا سنكون قد محونا كل رموزنا الوطنية المرتبطة بظروف زمانها ومكانها . لقد مررنا نحن العراقيين بسنوات لا نسمع فيها غير قصائد حمراء وفي اخرى خضراء فقط وفي ثالثة لم نعد نتذكر لونها ! انه من الخسارة بمكان أن نتجاهل الالوان الجميلة الاخرى . انها مهمة وطنية حضارية أن نتعاون ساسة ومفكرين كتاباً ومثقفين وفنانين على تجاوز اثم الانتقاء الطائفي في تناول انجازات ابنائنا وكما تقول وثيقة حقوق الانسان : بغض النظر عن جنسه ولونه ودينه ومذهبه ومنطقة انحداره أو عيشه .

إرسال تعليق