ماريا معلوف
متخصصة بالسياسات الأميركية وشؤون الشرق الأوسط
في ظل الحقائق التي كشفتها لجنة التحقيقات بمجلس النواب حول أحداث 6 يناير بشأن دور الرئيس السابق دونالد ترامب في الهجوم على مبنى الكابيتول والجهود المبذولة لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 أصبح من المرجح الآن إدانة ترامب جنائياً . وفي حال توجيه تهم جنائية للرئيس السابق فإنها لن تمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2024 . يُذكر أن الهجوم على مبنى الكابيتول خلال محاولة أنصار ترامب اقتحام المبنى في محاولة لمنع الكونغرس من المصادقة على نتائج انتخابات عام 2020 أسفر عن مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 140 ضابط شرطة وتم عزل ترامب للمرة الثانية من قبل مجلس النواب بعد أعمال الشغب ووجهت إليه تهمة التحريض على التمرد لكن مجلس الشيوخ برأه منها .
إن أبرز نتائج تحقيقات اللجنة المُكلَّفة بمجلس النواب بالتحقيق في أحداث 6 يناير لعام 2021 والاعتبارات التي ينبغي على المدعي العام ميريك غارلاند أخذها في الاعتبار عند اتخاذ القرار بتوجيه تهم جنائية لترامب والعقبات التي ربما تحول ضد توجيه تهم جنائية للرئيس السابق ومنها التحريض على تمرد 6 يناير وقد شكَّل هذا الحادث ذروة محاولة انقلابية كان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هو المسؤول عنها احتجاجاً على نتيجة انتخابات 2020 . فقد ظلَّ ترامب يدَّعي أنها سرقت منه محاولا الضغط على مسؤولي الولايات والمسؤولين الفيدراليين وأعضاء الكونغرس . وكشفت إحدى جلسات الاستماع أن ترامب مارس ضغوطا غير قانونية على نائبه مايك بنس لإلغاء نتائج الانتخابات حيث حاول منعه من الذهاب إلى الكونغرس للمصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية . شجع ترامب العصابات التي تقودها الجماعات اليمينية المتطرفة مثل "براود بويز" و"أوث كيبرز" على اقتحام مبنى الكابيتول لمنع الكونغرس من إعلان فوز خصمه الديمقراطي جو بايدن بالرئاسة وأسفرت مشاركة تلك العناصر التخريبية عن توقيف أكثر من 850 شخصاً على خلفية اقتحام أنصار ترامب الكونغرس . وفي يونيو الماضي تم توجيه اتهام رسمي لخمسة أعضاء في مجموعة "براود بويز" بتهم التآمر لإثارة الفتنة بينما يُواجه 11 من أعضاء "أوث كيبرز" التهم نفسها التي يمكن أن تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 20 عاماً . وفي 22 يوليو استمعت لجنة التحقيق في الكونغرس إلى شهادات مفادها بأن الرئيس السابق ترامب شاهد أعمال الشغب في مبنى الكونغرس العام الماضي على شاشة التلفزيون في البيت الأبيض متجاهلاً توسلات أبنائه ومساعديه لتوجيه النقد لأنصاره الذين هاجموا الكونغرس . وأشار العضو آدم كنزنغر وهو أحد الجمهوريَّيْن اللذين يشاركان في اللجنة التي يقودها الديمقراطيون، إلى أنّ الرئيس السابق "اختار عدم التحرك". وعلى هذا النحو زعمت لجنة التحقيق أنه كان مدفوعاً برغبة أنانية للبقاء في السلطة . لا تعد جلسة الاستماع في الكونغرس محكمة قانونية نظراً لأنه لم يكن هناك من يدافع عن ترامب غير أن بعض الشهادات التي وردت فيها تُعد بمنزلة لائحة اتهامات جنائية ضد الرئيس السابق ويمكن لوزارة العدل أن تستخدمها إذا أرادت محاكمة ترامب بتهم التحريض على الفتنة، وتقويض المؤسسات الدستورية والديمقراطية . وعلى الرغم ممَّا كشفته لجنة مجلس النواب في هجوم الكابيتول من أدلة مروعة وصادمة لكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت وزارة العدل وهي الجهة الوحيدة التي لها حق توجيه اتهامات جنائية للرئيس السابق ترامب ستؤكد على تلك الاتهامات وستتخذ خطوة غير مسبوقة بتوجيه اتهام جنائي إلى رئيس سابق بناءً على نتائج اللجنة . انتقد الجمهوريون مراراً وتكرارً أعمال لجنة 6 يناير إذ يعتقد الكثير منهم أن الهدف من وراء تكوينها وعملها هو تشويه سمعة الرئيس السابق ترامب والتأثير على حظوظ الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل خصوصاً أن هناك توقعات بخسارة الديمقراطيين لهذه الانتخابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع مستويات التضخم لمعدلات غير مسبوقة .
من جانبه انتقد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نتائج تحقيقات الكونغرس في أعمال الشغب التي شهدها مبنى الكابيتول في عام 2021 ووصف الإجراءات بأنها "مهزلة قضائية" وتهدف إلى صرف انتباه الأميركيين عن "كارثة" حكم الديمقراطيين . في المقابل أفاد استطلاع للرأي أجرته شبكة " آيه بي سي نيوز" الإخبارية بالاشتراك مع شركة (إيبسوس للأبحاث) والذي جرى يومي 17 و18 يونيو الجاري بأن 58 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع يرون أن الرئيس السابق يجب اتهامه جنائياً لدوره في أحداث 6 يناير كما أكد الاستطلاع أيضاً أن60 بالمئة من الأميركيين يرون أن لجنة 6 يناير تُجري التحقيق بشكل محايد ونزيه وغير متحيز . ودعا ديفيد ولفمان المدعي الفيدرالي السابق والذي عمل أيضاً كمحقق في الكونغرس ومحامي دفاع، إلى التحلي بالصبر على الرغم من المخاطر. وذكر قوله : "إنني أتفهم رغبة البعض في تحميل ترامب المسؤولية الجنائية عن سلوكه فيما يتعلق باعتداءات 6 يناير". وأضاف بقوله : "إنه من غير المناسب تماماً أن تسمح وزارة العدل للاعتبارات السياسية بالتأثير على قرارها فيما يتعلق بتوجيه الاتهام لشخص ما بارتكاب جريمة أم لا ولكن ينبغي الأخذ في الاعتبار مسألة الأمن القومي . إذا تمت إعادة انتخاب ترامب فلن تستمر المحاكمة بعد دقيقتين من ولايته الثانية. وستوفر سلطات الرئاسة توقفا مؤقتاً مرحباً به لمختلف الدعاوى المدنية والتحقيقات الجنائية الموجهة ضد ترامب فعلى الرغم من أنه من غير الواضح ما إذا كانت وزارة العدل ستوجه اتهاما جنائياً إلى ترامب فيما يتعلق بإثارة تمرد 6 يناير لكن الفوز بالبيت الأبيض سيكون مفيداً للغاية بالنسبة له وخصوصاً أن سياسة وزارة العدل تحظر محاكمة رئيس في منصبه ممَّا قد يعزل ترامب فعلياً عن أي تهم اتحادية لمدة 4 سنوات أخرى . وعلاوة على ذلك فإنه ينبغي على وزارة العدل الأخذ في الاعتبار عند التفكير في توجيه اتهامات جنائية إلى ترامب توفير أدلة كافية للفوز بإدانة تصمد أمام الاستئناف وأن الاتهامات الجنائية ستضر البلاد أكثر مما تفيدها ولا سيما في ظل حالة الاستقطاب الشديدة التي يشهدها المجتمع الأميركي وسيعتبرها الكثيرون "انتقاماً مُسيساً من قبل عضو في إدارة الرئيس بايدن ضد منافس بايدن السياسي ترامب . وأخيراً في ضوء ما سبق ذكره من عقبات ينبغي أخذها في الاعتبار في حال توجيه اتهامات جنائية لترامب يتضح أن لدى المدعي العام الأميركي ميريك غارلاند أسباباً مقنعة لتوجيه المدعين العامين بوزارة العدل إلى غض الطرف عن توجيه أي من تلك الاتهامات .
المصدر : عربي-sky-news

إرسال تعليق