د. ضرغام الدباغ
مقدمة
يعود أصل فكرة هذا الكتاب أنني كنت مرة أتصفح فيها كراسا باللغة الألمانية يشير إلى نتاج إحدى دور النشر الألمانية من الكتب وبينها كتاب يحمل عنوان " خطب هزت العالم ". وفي شرح مقتضب يشير فيه الناشر أن الكتاب يضم أشهر الخطب منها لبابوات وقادة سياسيين وغيرهم فتأملت تاريخنا العربي الإسلامي قديمة وحديثه وكم هو زاخر بمثل هذه الخطب وكم أسفت ألا يجمع ذلك كتابا يكون مرجعاً لمن يريد الاستفادة منه وأساساً لمن يسعى للإضافة عليه وجعله أكثر كمالا على أن كراسا بهذا المعنى كان قد صدر للمفكر المصري سلامة موسى ولكنه للأسف شديد الاقتضاب والخطابات فيه ليست كاملة وتفتقر إلى الدقة . وقد مثل دخول الإسلام عنصرا أساسياً في حياة العرب له انعكاساته على كافة الأصعدة منها الخطابة كالخطاب المكتوب أو الذي يلقى على حشد من الناس أو تلك التي تأخذ طابع الوثيقة السياسية سواء كانت خطابات متبادلة أو معاهدات بين أطراف أو عهود اكتسبت أهمية تاريخية كما لابد من التنويه بأهمية خطبة الجمعة في المساجد وتأثيرها في النفوس .
ولست مبالغا إن قلت أن الخطابة سواء كانت خطبة يلقيها الخطيب أم رسالة ذات محتوى عام أم وثيقة سياسية كان لها مجالا واسعا في حياة العرب السياسية والاجتماعية والثقافية بل أن ذلك احتل على الدوام أهمية ومكانة في مجالسهم ودواوينهم أكثر بكثير من غيرهم من الأمم وهناك جمل وكلمات قيلت في خطب ومناسبات ذهبت مثلا يعاد تكرارها حتى اليوم دلالة عن التعبير الصائب الدقيق وترجمتها لواقع حال معين ويشار إليها على أنها حكمة حتى بعد مرور أكثر من ألف عام على الحدث . ولم يكن إرسال عرب المدن لأبنائهم إلى البواد، إلا بهدف أن يكتسب الصبية فصاحة اللسان إلى جانب الجرأة والشجاعة بل أن الأعراب كانوا يعلمون أبناؤهم فن الخطابة ولهم في ذلك علم وفن ومعرفة وتجربة . فقد كان لبشر بن المعتمد الذي عاش في أيام هارون الرشيد (كانت وفاته عام 183 هجرية الموافقة 800 ميلادية) آراء مدونة في أسلوب الخطابة وكتابة الخطب منها :
" خذ من نفسك ساعة نشاطك وفراغ بالك وإجابتها إياك فان نفسك تلك الساعة أكرم جوهرا وأشرف حسبا وأحسن في الاستماع أحلى في الصدور وأسلم من فاحش الخطأ واجلب لكل عين من لفظ شريف ومعنى بديع واعلم أن ذلك أجدى عليك مما يعطيك يومك الأطول بالكد والمطاولة والمجاهدة بالتكليف والمعاودة ومهما أخطأت لم يخطئك أن يكون مقبولا قصدا وخفيفا على اللسان سهلا كما خرج من ينبوعه ونجم من معدنه . وإياك والتوعر فإن التوعر يسلمك إلى التعقيد والتعقيد هو الذي يستهلك معانيك ويشين ألفاظك . ومن أذاع معنا كريما فليلتمس له لفظا كريما فان حق المعنى الشريف اللفظ الشريف ومن حقهما أن تصونهما عما يفسدهما ويهجنهما وعما تعود من أجله إلى أن تكون أسوء حالا منك قبل ان تلتمس أظهرها وترهن نفسك بملابستهما وقضاء حقهما . فكن في ثلاثة منازل : فأول ذلك أن يكون لفظك رشيقا عذبا أو فخما سهلا ويكون معناك ظاهرا مكشوفا وقريبا معروفا أما عند الخاصة أن كنت للخاصة قصدت وأما عند العامة إن كنت العامة أردت. والمعنى ليس يتضح أن يكون من معاني العامة وإنما مدار الأمر على الشرف مع الصواب وإحراز المنفعة مع موافقة الحال على ما يجب لكل مقام من المقال وكذلك اللفظ العامي والخاص . فان أمكنك أن تبلغ في بيان لسانك وبلاغة لفظك ولطف مداخلك وقدرك في نفسك على أن تفهم العامة معاني الخاصة وتكسوها الألفاظ المتوسطة التي لا تطلق على الدهماء ولا تجفو عن الأكفاء فأنت البليغ التام ".(1)
وقد استغرق العمل في هذا الكتاب فترة طويلة امتدت منذ أواسط عام 1989 كنت أجمع فيها ابرز الخطابات واستخرج آراء غيري ممن هم على علم ودراية بتاريخ العرب والإسلام . وقد اتخذت لنفسي وسيلة في اختيارها : فأما بناء على أهميتها التاريخية وما تلاهما من وقائع وأحداث أو لبلاغتها السياسية ووقعها على المستمع أو القارئ ومن ذلك أيضا بيان في تطور الخطابة والبلاغة السياسية والثقافية عامة . وأيضا الإشارة إلى مفردات عديدة في تطور علم السياسة ومنهج الحكام في بسط المشكلات والأمور وأسلوب عرضها وطرحها . وقد ضم الكتاب أيضا عدد من الوثائق السياسية البالغة الأهمية والتي بالإضافة إلى أهميتها كوثيقة سياسية / قانونية إنما تشير أيضا إلى تطور الحياة السياسية العربية والى تطور نضال العرب والمسلمين وصمودهم بوجه القوى الاستعمارية العادية قديما وحديثا .
ولست أشك أن هناك المزيد والكثير من الخطابات التي لم ترد في هذا الكتاب وحسبي في ذلك أمران .
الأول : تشتت الخطابات في عدد هائل من المصادر المتيسرة منها والنادرة.
والثاني : أن جمع كل الخطب المهمة سيؤدي بالنتيجة إلى كتاب بالغ الضخامة في عدد صفحاته بما يفوق الهدف الرئيسي لهذا العمل وهو تقديم الخطب الأكثر أهمية ذات الأثر الفعال في الحياة السياسية والاجتماعية والأدبية في تاريخ العرب . ونأمل أن يكون هذا العمل بمثابة إضافة إلى ما يمكن أن يفيد القارئ والباحث والمكتبة والثقافة العربية فتلكم هي الغاية أولا وأخيرا.
ضرغام عبد الله الدباغ
بغداد / أواسط تموز ـ 1996
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) موسى سلامة : أشهر الخطب ومشاهير الخطباء، ص 5، بغداد 1991 .
فهرس
مقدمة........................................................07
* أولا : قس بن ساعدة...................................08
1: خطب.
2: شعر.
* ثانيا : أبو طالب عبد المطلب.........................09
خطبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم............10
1: خطاب إلى هرقل عظيم الروم .
2: خطاب إلى أمير بصرى.
3: خطاب إلى الحارث بن شمر.
4: خطاب إلى المقوس حاكم مصر.
5: خطاب إلى النجاشي حاكم الحبشة.
6: خطاب إلى كسرى ملك الفرس.
7: خطاب إلى المنذر بن ساوي.
8: خطاب إلى ملكي عمان.
9: خطاب إلى هوذة بن علي.
10: هدنة الحديبية.
11: عهود الرسول إلى أهل الذمة.
أ / آمنة الرسول إلى يوحنا بن رؤبة.
ب/ كتاب الرسول إلى أهل أندح وجرباء.
12: دستور المدينة (الصحيفة).
* رابعا: أبو بكر الصديق...........................22
1: خطبة البيعة لأبي بكر الصديق.
2: خطبة لأبي بكر الصديق.
3: وصية أبو بكر الصديق لعمرو بن العاص.
4: عهد أبو بكر إلى عمر بن الخطاب.
* خامسا: عمر بن الخطاب..........................25
1: خطبة لعمر بن الخطاب.
2: خطاب عمر الخطاب لأبي موسى الأشعري.
3: رسالة عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص.
4: رسالة عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح.
5: عهد عمر بن الخطاب لأهل القدس.
*
* سادسا: علي بن أبي طالب.......................28
1: خطبة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب في الكوفة
2.خطبة لعلي بن أبي طالب يلوم فيها رجاله.
3 : هدنة صفين
* سابعا: جعفر بن أبي طالب........................32
خطبة له في الحبشة.
* ثامنا: سعد بن أبي وقاص..........................35
خطاب له في العراق إلى قائد الفرس.
* تاسعا: خالد بن الوليد...............................35
1: خطاب موجه إلى قائد الفرس.
2: خطاب يحرض المسلمين على القتال.
* عاشرا: معاوية بن أبي سفيان.....................37
وصية إلى ولده يزيد.
* أحد عشر: زياد بن أبيه.............................38
خطبة له في البصرة.
* اثنا عشر: الحجاج بن يوسف الثقفي...............40
خطبة له في الكوفة.
* ثلاثة عشر: طارق بن زياد.........................42
من خطبة له على بر الأندلس.
* أربعة عشر: عبد العزيز بن موسى بن نصير......44
عهد عبد العزيز بن موسى لنصارى الأندلس.
* خمسة عشر: سليمان بن عبد الملك....................45
عهد سليمان بن عبد الملك بالخلافة إلى عمر بن عبد العزيز.
* ستة عشر: عبد الحميد الكاتب...........................46
خطاب عبد الحميد الكاتب إلى الكتاب.
* سبعة عشر: الإمام جعفر الصادق.......................49
وصية الإمام جعفر الصادق إلى ولده موسى
* ثمانية عشر: المهلب بن أبي صفرة......................51
وصية المهلب إلى أولاده.
* تسعة عشر: الحسن البصري..............................53
خطاب إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز.
* عشرون: يزيد بن الوليد...................................54
خطبة له بعد توليه الخلافة.
* إحدى وعشرون: هارون الرشيد.........................55
خطاب إلى معلم ابنه الأمين.
* اثنان وعشرون: القاضي أبو يوسف.......................56
خطاب القاضي أبو يوسف إلى الخليفة هارون الرشيد.
* ثلاثة وعشرون: المأمون بن هارون.......................59
1: وثيقة خلع الأمين.
2: خطاب إلى الحكومة.
* أربعة وعشرون: طاهر بن الحسين.......................61
خطاب طاهر بن الحسين لابنه عبد الله.
* خمسة وعشرون: صلاح الدين الأيوبي...................66
1: خطاب إلى أحد أعوانه.
2: رد على خطاب الملك ريكاردوس قلب الأسد.
* ستة وعشرون: الملك الصالح نجم الدين أيوب............68
خطاب يرد فيه على الملك لويس التاسع ملك الفرنجة.
* سبعة وعشرون: صورتان في سقوط غرناطة.............69
خطابان الأول للبطولة والثاني لليأس.
* ثمانية وعشرون: حسين الجليلي............................72
خطاب والى الموصل يرد على نادر شاه.
* تسعة وعشرون: الشريف محمد ولد سيدي الحسن.......74
خطاب للشريف محمد يرد فيها على القائد الأسباني.
* ثلاثون: صمود قسطنطينية...................................75
عن صمود شعب قسطنطينية.
* واحد وثلاثون: الملك فيصل الأول.........................76
خطاب له عن الحكم والإدارة في العراق.
* اثنان وثلاثون: ميشيل عفلق.................................81
خطاب ألقاه على مدرج جامعة دمشق في ذكرى مولد الرسول.
* ثلاثة وثلاثون: الرئيس جمال عبد الناصر...............88
خطاب الرئيس في العودة عن الاستقالة.
ملاحق...................................91
• الملك جورج الثاني.
• نابليون بونابارت.
• محمد الفاتح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إرسال تعليق