عراقنا بأيدي اللصوص

مشاهدات


د. موفق العاني


قال لي أحد أصدقائي الذي أعرفُ مدى محبته لي عندما نظر إلى وجهي وأنا أتابع أخبار وطني الذي خدمته أكثر من ثلاثين عاماً من على شاشة التلفزيون : 

 

( أرجوك أخي العزيز أن تترك مشاهدة الأخبار ) انتبهت له وسألته : لماذا ؟؟ قال: ( أنا أرى الألم على محياك وانت تسمع الأخبار) شكرته وانتقلت الى هاتفي هروباً مما لاحظه عليَّ صديقي ، ولكني وجدت ماهربت منه أمامي على شاشة الهاتف ، إنها مأساة اللصوص التي اجتاحت وطني المُعذب ، لقد سرق الأوغاد بسمة أطفاله ، ولقمة عيش أهله ، وقتلوا قيمَ المحبة فيه ، وزرعوا الموت في جنباته ، زوروا التاريخ واغتالوا حضارته ، واختاروا لأنفسهم ألقاباً لا تتناسب مع ماشهدناه فيهم من حقد على رموزه الشامخة ووحدة مجتمعه ، ابتاعوا لأنفسهم الشهادات العلمية من بيروت وطهران وأصبحوا يضعون حرف (الدال) أمام أسمائهم ظلماً وعدواناً ، تسنم الجهلة مواقع لإدارة بلد كبير وهم صغار ، ادعَوا العلم بالسياسة وهم لا يُفرقون بين التاريخ والجغرافيا ، يدّعون العلم باللغة وهم يجهلون معنى الضاد والظاء ، ويكتبون التاء المفتوحة مربوطة ، ويظهرون على شاشات الفضائيات يتحدثون بلحن القول ويقرأون آيات القرآن وهي ليست فيه ، وأحدهم تحدث عن دول البلطيق بقوله ( ان دول البطريق) وفي ذات الوقت وبدون حياء يخاطبه مقدم التلفزيون بالدكتور .. لقد امتدت يد هؤلاء اللصوص الى كل جميل في وطني وحولوه الى بشاعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً .. 

 

وفي هذا الصباح أقرأ على صفحة أحد أصدقائي على الفيس بوك خبر سرقة وتسرب أسئلة الأمتحان الوزاري لطلبة المرحلة المتوسطة ، ويحكم أيها الأوغاد!! ألم تعاصروا وتشاهدوا كيف كانت الامتحانات في بلدي قبلكم ؟ ألا تتذكرون كيف أطيح بمدير عام تربية محافظة وسجنه خمسة أعوام لتسريب أسئلة الأحياء للثالث المتوسط ؟ وهو ليس طرفاً في ذلك التسريب !!! ، ولكنه القائد المسؤول عنها في محافظته .. لك الله ياعراق بعد جفاف مياهك ، وغياب رجالك ، وموت مؤسساتك الصحية والتعليمية ، ورحيل من كانوا يحملونك في حدقات عيونهم ، ويواصلون ليلهم بنهارهم حفاظاً على شموخك الذي عانق السماك طولاً ، عندما دفنتَ نعش الأمية وأعليت راية العلم لتحجز المقعد المتقدم في العالم المتحضر، فصدحت حناجر الشعراء بمجدك ، وفاضت أقلام الناثرين بأبهى العبارات إشادةً بمنزلتك بين الأمم ، وأبدعت ريشة أهل الفنون لترسم لوحات كبريائك ، وتردد صوت نصرك في أرجاء المعمورة لترتعد منه فرائص شانئيك وحسّادك ….

 

ومعذرة لك ياوطني وأنا أقول مِن قصيدة لي : 

تنمر القط في داري وفي وطني ... واستوطن الجرذُ في أبهى مغانيها 

وغادرته ليوثُ الساحِ من أسفٍ....... لما رأت ثَعلباً في الغاب حاديها 

وفي الماضي كنت أقول في أحد قصائدي : 

يادارةَ الشمسِ ياأقمارَ داجيــةٍ........... واللهِ حسنُكِ حقاً يُخجِلُ القمرا 

بغدادُ وجهُكِ مثلُ الصبحِ مطلعُهُ .. ذابَ الفُــؤادُ على حبي له وتــــرا

 

- ويبقى وطني للأصلاء ويغرب عنه اللصوص والأوغاد-

 

 


 

تعليقات

أحدث أقدم