حل الألغاز السياسية

مشاهدات




د .  ضرغام الدباغ


أدعوا القراء الأعزاء لحل الألغاز السياسية بطريقة مبسطة .

في السياسة ليست هناك أسرار ولا سحر ولا طلسم ولا من يحزنون ... كل شيء يمكن إدراكه ببساطة بإستخدام الوسيلتين :

الأدلة المادية .

الأدلة العقلية .

 

وبإستخدام حاذق للأدلة المادية وتحليلها نتوصل بدقة إلى مغزى اللعبة السياسية ومعرفة أطرافها واللاعبين الأساسيين والثانويين من يظهر على المسرح مباشرة أو يحرك اللعبة من خلف الكواليس وهناك من يمثله على المسرح فيبدو بعيداً ولكنه في صلب اللعبة وقد يظهر على المسرح في مرحلة معينة من العمل وهناك من يتعب نفسه ويمارس التمويه المتقن (Camouflage) ليظهر خلاف ما يبطن أو يحاول التمويه فيلعب خلاف المعلن أما إذا كنت على معرفة ولو بسيطة بقواعد لعبة البوكر  فسيتضح كل شيء وكأنك تشاهد فلماً وثائقياً وهناك من يحاول أن يظهر ذكاء أو حذاقة فيدخل في أدائه ما هو خارج النص فيغضب المخرج ويقرع وقد يعاقب هذا الممثل المتحمس ...! 


ولكن دعنا نجرب الطريقة السهلة...

نطالع في المجلات أحياناً وغالباً في آخر الصفحات لعبة مسلية بسيطة تتمثل بإيصال خطوط مستقيمة بين نقاط مرقمة وفي النهاية ستجد أن مجموعة النقاط أمامك هي سمكة قرش أو فارس يمتطي حصاناً . دعنا نلعب اللعبة في السياسة المعاصرة في ساحة هي اليوم ملتهبة تحتمل الكثير من التأويلات .

- النظام الأيراني(ملالي وشاهنشاهي) بدعة سياسية ابتكرتها بريطانيا وأقنعت الأمريكان بفضائل وجوده فهو مثل الطماطة يصلح لكل طبخة هو سد منيع بوجه الاتحاد السوفيتي (في أعوام الثلاثينات) فدخل الأحلاف الاستعمارية وأقام محطات الرصد والتجسس . وهو أداة الغرب في التحرك ضد الإسلام والدركي المفضل في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط .

- النظام السوري لا يسقط لأنهم لا يريدون له أن يسقط لذلك فهو يحظى بدعم وإسناد أجنبي قد لا يبدو واضحاً بل يدور بسرية وقد يعمدون إلى عمليات تمويه وتشويش رؤية من أجل إسدال ستارة دخانية عن صلب وجوهر المسألة . وقد أدرك هذا منذ عقود طويلة توازنات المنطقة وأختار الوقوف لما يبقيها في سدة الحكم  بلا ثورية بلا عروبة بلا بطيخ ...! وبلا مصالح وطنية وقومية .. والعجيب الغريب أنه يدعي فوق ذلك المقاومة والممانعة ...!!

- النظام السوري لا يتراجع بدفع وتشجيع أجنبي فهو قد أمن ظهره بقوة وثقة تامة فالنظام السوري قد أرضى على امتداد عقود القوى الدولية المهيمنة وهم  يقدمون له رد الجميل ليس فيما يخص الصراع العربي / الإسرائيلي بل وفي ساحات أخرى منها العراق ولبنان (دخل  لبنان وأنهى المقاومة والحركة الوطنية اللبنانية بموافقة وترحيب أمريكي مباشر ثم أمتثل النظام فوراً حين طلب منه الخروج من لبنان دون مناقشة وحدث ما حدث .. وذهب النظام بقواته المدرعة لينظم لمعسكر حفر الباطن في حرب الخليج حاله حال الأنظمة التي يشتمها ليل نهار ومتحالفاً مع حزب الله الحارس الأمين لحدود إسرائيل التي ما كانت أمينة إلا حين عهدت إليه . ولكن الغرب لا يعرف العجول المقدسة وهذه سلع وألعاب قد تنتفي الحاجة لها يوماً فيبلغوهم بعبارة ناشفة " دبروا أنفسكم " والأمريكان خير من يمتلك وجه مقاوم للتعرق والانفعالات وهذه تعلموها من الإنكليز  فحين تصبح تكاليف ونفقات المكوث في مكان ما أكثر من الفائدة والمرابح فينسحبون بخفة وسرعة تحسدهم عليها الحيوانات النهابة من فصيلة السنوريات . 

 

ففي السياسة لا يوجد عيبـ العيب هو من يلعب بسذاجة ويصبح مسخرة فحين تحل ساعة المراجعة سيطرح كل طرف أوراقه بوضوح تام . والكل يتعامل بأخلاقية النمس وهو حيوان حقير انتهازي ولكنه شرس ولكن هنا يتعاملون بوضوح : أنظر .. نحن أيدناك لدرجة المجازفة بمصالحنا وقدمنا لكم دعما سياسيا وعسكريا  لا حدود له وهذا الدعم كلفنا الكثير جدا الوضع اليوم هو غير الوضع يوم أقمنا التفاهم والتحالف وأنت وحلفاءك لم تستطيعوا استيعاب مفردات الموقف ساعدناكم ولم تغتنموا المساعدات .. نحن مضطرون ..مضطرون ..للانسحاب ولإعادة ترتيب الطاولة ونتوقع وهذا مؤسف أنكم ستواجهون ظروفا عصيبة . ننصحكم بإعادة تقييم الموقف وصياغة سياسة جديدة قد يكون هذا محرجا ومخجلاً بعض الشيئ ولكن الخجل أفضل من تلقي الضربات والهزائم والأخبار السيئة . الشرقي بطبعه يأنف التنازل والتراجع ويعتبرها عيبا يلحق بشخصه ولا يقبل بخيارات القرارات الصعبة إلا في الدقائق الأخيرة من المباراة ... الشرق محاط ومغلف بالأسرار ذلك لأن أنظمة الحكم فيها غير واضحة المعالم والأبعاد ولا سقف الصلاحيات والقيمة الحقيقية للهياكل والمكونات ... لذلك يخطأ الغرب كثيرا في تقدير الأشياء حق قدرها .. وإعتمادا على تقارير الخبراء التي تقدم لصناع القرار التي لا تخلوا من أخطاء ومن غرائب الأمور أن الجامعات الغربية تزخر بالعلماء من الشرق الأوسط وكذلك أجهزة المخابرات الكفوءة ولكن الذهن الغربي اعتاد التفكير وأتخاذ القرارات بناء على سياقات لا تتفق مع ترتيب الخطوط في الشرق الأوسط ...

 

بتقديري هذا السبب الذي يجعل الغرب يميل لأستخدام القوة لأنه فشل في تفهم عميق للأزمات، والتوصل لحلول مرنة لمعالجتها ..

تعليقات

أحدث أقدم