الأغبياء والأذكياء

مشاهدات



فاطمة المزروعي


دوماً ما نصادف في حياتنا اليومية أشخاصاً يدعون أنهم يتمتعون بذكاء متفوق على الآخرين وهذا الادعاء لا يأتي بشكل مباشر وإنما ببعض الحركات والتصرفات التي يحاول شخص أن يوجه خلالها رسالة بأنه شخصية ذكية ودقيقة . ولكن في الواقع هو يشعر الآخرين بنقطة نقصه وضعفه فبمجرد المحاولة في هذا السياق تنكشف فداحة الخطأ الذي يرتكبه بحق نفسه .

 

سأضرب مثالاً بقصة تروى عن رجل كان يصنف أحد الأطفال أنه أغبى طفل في العالم إذ تقول القصة: «دخل طفل محل الحلاقة فهمس الحلاق في أذن الزبون قائلاً : هل تريد رؤية أغبى طفل في العالم ؟ فقال الزبون وهو يبتسم : نعم فقال الحلاق : هذا أغبى طفل في العالم وسأثبت لك ذلك فوضع الحلاق في يده اليمنى ديناراً وفي اليسرى ربع دينار وطلب من الطفل أن يأخذ أحدهما فأخذ الطفل ربع الدينار وانصرف فقال الحلاق للزبون: إنه لا يتعلم أبداً... في كل مرة يفعل ذلك . بعد أن خرج الزبون من محل الحلاق شاهد الطفل في محل يقوم بشراء آيس كريم فاقترب منه ليسأله لماذا اختار ربع الدينار؟ فأجابه الطفل : حتى تستمر اللعبة ويستمر في إعطائي قيمة آيس كريم بشكل يومي ففي اليوم الذي آخذ فيه الدينار تكون اللّعبة قد انتهت وبالتالي أفقد المصروف اليومي الذي أقبضه من الحلاق» . بعد أن نقرأ مثل هذه القصة من تعتقد الغبي هنا ؟ ومن الذكي؟ كما أسلفت من يدعون الذكاء يجعلون أنفسهم مجرد أضحوكة أمام الآخرين المشكلة العظمى حينما يفاخر أدعياء الذكاء بأنهم توصلوا لنتائج غير مسبوقة أو اكتشافات مهولة أو حينما يحاولون السخرية من الآخرين بحجة أنهم الأذكى وفي الحقيقة تكون الصورة عكسية تماماً كما في قصة الحلاق والطفل . الذي أريد الوصول له أن الذكاء والغباء نسبي بمعنى ما قد تراه عملاً مبدعاً لا يقوم به إلا ذكي قد يراه البعض عملاً عادياً لا يتحمل كل هذا التعظيم وفي الوقت نفسه قد تحكم على شخص أنه ذا تفكير سطحي وتثبت لك الأيام أنه شخص يتمتع بشخصية عميقة وذكاء كبير ولن أذهب بعيداً فهذه إحدى الصديقات كانت دوماً تنتقد رئيسها في العمل وتصفه بأنه شخص سطحي وغير كفؤ للوظيفة التي يتقلدها وحينما سألنها كيف تمكنت أن تصدر هذا الحكم ؟ 

 

قالت : إنه في الاجتماعات  يلقي المشكلة ثم يجعلنا نتحدث طوال الوقت ونبحث عن حلول بينما السكرتيرة تقوم بالتدوين وفي اليوم التالي يصدر قراراً ولا نجد أنه خرج عن أفكارنا وحلولنا ولذا هو لا يفكر وإنما يجعلنا نحن من نقوم بالتفكير هكذا ببساطة وضعت صديقتي نفسها في مأزق وأظهرت نفسها أنها هي من كان تفكيرها محدوداً ولم تعلم أن أنجح القادة في المجال الإداري هم من يجعل موظفيه شركاء في حل المعضلات والعقبات التي تعترض طريق المنشأة بل في مجال العلوم الإدارية تعد جلسات العصف الذهني التي تبحث عن الحلول والإبداع والتجديد وحل المشكلات في المنشأة من أفضل الطرائق الإدارية ويوجد آخرون كثر يحكمون على الناس بسطحية معتقدين أنهم على درجة عالية من الذكاء وبطبيعة الحال هذا خطأ .

 

المصدر : البيان

 

تعليقات

أحدث أقدم