كردستان العراق.. اجتماع "يذيب الجليد" بين الحزبين الرئيسيين

مشاهدات



لم يتوصل الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان العراق لاتفاق معلن حتى الآن بشأن أبرز المسائل العالقة المتعلقة باختيار رئيس للجمهورية خلال اجتماع مشترك عقد مؤخرا في أربيل وصفه مراقبون وأعضاء في الحزبين بأنه خطوة أولى على طريق الحل .

 

واجتمع وفد من المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني مع وفد من الاتحاد الوطني الكردستاني الأربعاء بحضور رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني . وجاء الاجتماع عقب زيارة أجراها رئيس إقليم كردستان إلى محافظة السليمانية معقل حزب الاتحاد الوطني الأحد الماضي . بعد اجتماع الأربعاء أصدر الحزبان بيانا مشتركا خلا من التفاصيل مع الإشارة إلى أن مبادرة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني وزيارته إلى السليمانية شكلت أرضية مناسبة للتفاوض وتطبيع العلاقات بين الجانبين عبر العمل على إعادة الثقة والتفاهم والحوار . وتصاعدت الخلافات بين الحزبين الكرديين على خلفية التنافس على منصب رئيس جمهورية العراق الذي يقضي العرف بأن يكون كرديا . وتنحصر المنافسة حاليا بين شخصيتين هما الرئيس الحالي برهم صالح مرشح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وريبر أحمد مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني . المطلوب أن يحصل المرشح على أصوات ثلثي النواب ليفوز علما أن الحزب الديمقراطي تحالف مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس البرلمان الحالي محمد الحلبوسي في ائتلاف أطلق عليه اسم التحالف الثلاثي في محاولة منهم لتشكيل حكومة أغلبية ينادي بها الصدر منذ عدة أشهر . بالمقابل اصطف الاتحاد الوطني مع الإطار التنسيقي وهو تحالف شيعي نافذ يضم كتلة دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وكتلة الفتح التي تنضوي تحتها فصائل موالية لإيران ويدعون لتشكيل حكومة توافقية بين القوى الشيعية الأبرز كما جرت العادة . وكان البرلمان العراقي أخفق في مارس الماضي للمرة الثالثة بانتخاب رئيس للجمهورية لعدم اكتمال النصاب نتيجة مقاطعة عدد كبير من النواب ليستمر الانسداد السياسي في البلاد .

 

كسر الجليد

يقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني شيرزاد قاسم إن البيان المشترك الذي صدر من الحزبين عقب اجتماع أربيل يبشر بالخير للوصول إلى حلول للمشاكل العالقة التي نوقشت خلال الاجتماع تتعلق بالقضايا الكردية الداخلية على مستوى الإقليم وتلك المتعلقة بتشكيل الحكومة الاتحادية . وفيما يتعلق بقضايا الإقليم يؤكد قاسم أنه تم الحديث عن انتخابات مجلس نواب الإقليم واستكمال اختيار أعضاء مفوضية الانتخابات حيث اتفق الحزبان على الكثير من النقاط العالقة في هذا الشأن وأهمية اجراء الانتخابات في موعدها في أكتوبر المقبل ويرى أن التفاهمات والجلوس معا كسر حاجز الجليد الذي تشكل عقب الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر الماضي . ويلفت قاسم إلى أنه تم الاتفاق على اجتماعات قريبة يتم التوصل خلالها لحلول ترضي جميع الأطراف الكردية وتكون مقبولة من قبل الأطراف العراقية الأخرى فيما يتعلق برئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة .

 

انفراج قريب؟

بالمقابل تعرب عضوة الاتحاد الوطني الكردستاني بليسة جبار عن تفاؤلها بأن يسهم الاجتماع الأخير بين الحزبين عن نتائج مبشرة ويخرج بشيء ملموس على أرض الواقع وإن المكتبين السياسيين للحزبين لم يجتمعا منذ فترة طويلة مبينة أن هذه خطوة أولى في طريق استعادة العلاقات والتنسيق أكثر مقارنة بما جرى في الماضي . وفيما يتعلق بموقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني من منصب رئيس الجمهورية تشير بليسة إلى أن حزبهم متمسك بترشيح برهم صالح . وتبين بليسة كذلك أن الاتحاد الوطني لا يزال متحالفا مع الإطار التنسيقي وضرورة أن إلا أن يتم اللجوء لفكرة الأغلبية لكنها استدركت بالقول بالنهاية الموضوع سياسي ويمكن أن يتغير في أي لحظة وبالتأكيد أن الوضع لا يزال على ما هو عليه ولا أتوقع أن يكون هناك انفراج في الوقت القريب . وبعد ستة أشهر من الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت في أكتوبر 2021 لا يزال العراق من دون رئيس جديد وبالتالي من دون رئيس حكومة جديد يتولى السلطة التنفيذية . وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة . ومنذ أول انتخابات متعددة شهدتها البلاد في 2005 يعود منصب رئيس الجمهورية تقليديا إلى الأكراد بينما يتولى الشيعة رئاسة الوزراء والسنة مجلس النواب . ويتولى الاتحاد الوطني الكردستاني تقليديا منصب رئاسة الجمهورية مقابل تولي الحزب الديموقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان بموجب اتفاق بين الطرفين .

 

مواجهة الخطر

وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي عصام الفيلي أن الاجتماع الأخير بين الحزبين الكرديين أذاب الجليد بعد فترة انقطاع شهدت تمسك كلا الطرفين بمواقفه . ويقول الفيلي إن البيت الكردي يواجه حاليا تحديات مصيرية ووجودية تبلورت أكثر بعد قرار المحكمة الاتحادية المتعلق بالنفط والغاز مما دعا الأطراف الكردية لتوحيد مواقفها . وكانت المحكمة الاتحادية في العراق اعتبرت مؤخرا أن قانون النفط والغاز الذي ينظم صناعة النفط في كردستان العراق غير دستوري وطالبت السلطات الكردية بتسليم إمداداتها من الخام . ليس هذا وحسب حيث يشير الفيلي إلى أن خطرا أكبر آخر يهدد الأكراد المتمثل بوجود حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية وهو يشكل تحديا واضحا للحزبين من دون استثناء ويهدد مستقبلهما السياسي . ويلفت الفيلي إلى أن الحزبيين الكرديين يدركان اليوم أنهما بحاجة للتعامل بواقعية سياسية مع هذه المعطيات والذهاب للتوافق على رئيس الجمهورية حتى على الأقل يحافظوا على كيانهم السياسي . وتحدث الفيلي عن تحركات تجريها بعثة الأمم المتحدة في العراق لإقناع الطرفين بالوصول لنقطة التقاء وتنازل مشترك من أجل اختيار رئيس للجمهورية .


المصدر : وكالات

تعليقات

أحدث أقدم