خواطر يوسف زعين الأخيرة

مشاهدات

 


د.ضرغام الدباغ


ولد د. يوسف زعين في بلدة البو كمال السورية 1931 من أصول عراقية درس في جامعة دمشق وتخرج طبيباً التحق بالثورة الجزائرية كمقاتل/ طبيب وعمل في معسكرات جيش التحرير وارتدى الملابس البدوية متنقلاً من صحراء ليبيا إلى تونس إلى الجزائر متجولاً داخل مخيمات لاجئي حرب التحرير واشترك في علاج جرحى حرب التحرير وعالج الجروح والإصابات وحمل نفسه وسلاحه وأدويته . وتنقل وحين عاد إلى دمشق اندفع بقوة الطموح والشباب وحيوية المبادئ إلى قمة هرم السلطة في سوريا فقد كان بعثياً أيديولوجياً حاداً ويسارياً متمرداً لكنه حين صار رئيس وزراء اصطدم بالواقع .. عمل وزيرا للإصلاح الزراعي 1963-1964 وسفيرا في بريطانيا وفي 1965 انتخب عضوا في القيادة القطرية ومن فبراير (شباط) 1966 إلى أكتوبر (تشرين الأول) 1968 كان رئيسا للوزراء حتى عام 1970 أعتقله حافظ الأسد عام 1970 .


يتحدث لصحفي المصري إلهامي المليجي الذي التقاه في لندن عن فترة الحكم بعد 23 شباط / 1966 :

- كانت هناك تنازلات نحن حكمنا ضمن جبهة وطنية حتى لو لم تعلن. لم نحكم بالطائفة أو الأقلية بل حكمنا وفقا لتحالف كبير .

- ما هي أهم سمات المرحلة بعد 23 شباط الحركة التي انحرفت عن أهدافها بنتيجة تكتلات وأطماع قادت إلى تآمر وإسقاط نظام 23 / شباط : هناك طمسا لفترتنا لأن الجميع لا يريد تسليط الضوء على تلك المرحلة لأنها كانت بمثابة المادة المشعة التي يجب ردمها ودفنها : مقاومة تأميمات معركة نفط قتال يومي مع العدو جذرية في حل مشاكل المجتمع ضرب لكل القوى غير الجذرية مواجهة مع البورجوازية دعوة لتثوير الوطن العربي . لذلك كله تآمرت كل القوى الداخلية والخارجية واعتبرت القوى الأجنبية تلك الفترة "فترة التهور" في سوريا".

- ويقول زعين انه في اجدى سفراته لموسكو " أليكسي كوسيجين قال لي لا تقربوا النفط النفط يعني حربا عالمية ثالثة هذا كلام ليس فيه غموض" .

- السوفيات اعتقدوا أن قيادة سوريا الثلاثي نور الدين الاتاسي صلاح جديد يوسف زعين جماعة ثورية متطرفة تطرح شعارات كبيرة تقترب من فحوى الخط الصيني/ الماوي فيقول د. زعين ملقياً الضوء على جانب خاف من هذا التحالف وهو سوء الفهم الذي جعل السوفييت يتعاملون بحذر مع حلفائهم السوريين "السوفييت كانوا يعتقدون أن لدينا توجهات صينية (ماوية) ممثلة في العمل الشعبي وحرب التحرير الشعبية لذلك كانوا أصحاب موقف حذر منا في سوريا وكان ذلك مصدر قلق لهم وخسارة لنا لم نستطع فتح قنوات جيدة معهم نتيجة تقديراتهم الخاطئة وهذا ما أعطى الفرصة للقوى المرتبطة بالغرب للضغط علينا لم يدرك الروس أخطاءهم إلا بعد معركة 67".

- والمفاجأة الأكبر في حديث يوسف زعين عن هذا التحالف هو تقييمه له بعد سقوط الإمبراطورية الشيوعية "تحالفنا مع الاتحاد السوفيتي بني على افتراض خاطئ  اعتقدنا أن تحالف الصهاينة مع الرأسمالية العالمية آيل للسقوط بحكم افتراض زوال الرأسمالية وتدمير نفسها الأمر الذي سوف يترتب عليه سقوط الصهاينة تبعا لذلك التقينا مع الروس في هذا التحليل . أعتقد أنه كان خطأ ماركس يقول : لا تصدقوني بل صدقوا أحفادي هاهم أحفاد ماركس يأكلون الهامبورجر والماكدونالدز ويحملون العلم الأمريكي على صدورهم .

- نجحت قوى أجنبية بالدخول في قلب المعادلات السورية وفي فسيفساء التكوينات الوطنية العرقية والطائفية وتحريك هواجس هذه وإثارة تلك وبكلمة بالغة الأهمية يلخص د. زعين ما جرى في سوريا وأقطارعربية أخرى بجمله ذات أبعاد عميقة " الغرب اشتغل على تأسيس حكم طائفي لأنه في وجود الحكم الطائفي لن يحصل نهوض".. يقول يوسف زعين أن عبد الناصر أخبره بأن الكتاب الثلاثة هيكل وحمروس ومحمود أمين العالم  "إن هيكل وحمروش والعالم (محمود أمين العالم / ض) وغيرهم يأخذون مني مرتبات". ويؤيد زعين النظرية التي تزعم أن عبد الناصر مات مسموما قائلا : "إن هيكل يعرف الكثير لكنه صامت وكتب عن أشياء غير حقيقية وأنه ملغوم ويتلاعب بالمعلومات ويجب ان تنتبه الاجيال وهي تقرأ له". ويقول زعين عن المفكر جورج طرابيشي " جورج طرابيشي طلب مني أن يقوم هو بالصياغة أو الحوار معي لكنني لم أسترح أنا مشتت العملية الجراحية التي قمت بها خطيرة جدا لذلك لم أجد متسعا من الظروف يسمح لي بالتركيز . أنت (إلهامي المليجي) قم بهذه المهمة بإمكانك تدوين ما أقوله ".

 

تعليقات

أحدث أقدم