اللجوء الى الماضي أم العمل على المستقبل ؟

مشاهدات


الدكتور نزار محمود


كثير منا نحن أبناء جيل الخمسينات والستينات وحتى السبعينات ناهيك عن ما قبلها يلجأون الى الماضي هرباً من واقع حالهم وبحثاً عن سعادة يتلذذون بها في صحة وشباب وتفاؤل وآمال عريضة وانجازات يفخرون بها . في حين لا يهم ابناء الاجيال الحديثة سوى عيش الحاضر والنظر الى المستقبل والسعي اليه. 

 

وهذه بالتأكيد سنة حياة البشر في رحلة الحياة ودورتها فالإنسان يولد ويبدأ في المألوف تلك الرحلة من كونه رضيعاً ثم يصبح طفلاً صغيراً ثم صبياً وشاباً حتى يشتعل رأسه شيباً فيشيخ وتنقضي أيامه المعدودة فيغادر الحياة الى الآخرة تاركاً وراءه ما خلفه من أبناء ومال وعمل وأحلام وآمال لم تتحقق وكم هو فائز من يصح فيه قول الله تعالى : " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وأدخلي جنتي". بيد أننا نحن البشر كبار السن نسبياً نقف أحياناً كثيرة حيارى أمام اختيارين :

الأول: أن نعيش الماضي في بحثنا عن المتعة والفخر باعمالنا وانجازاتنا يدفعنا عجزنا عن مواصلة ذلك متذرعين تارة بتقدم العمر وتارة بسوء الظروف .

الثاني: ان نحلم بمستقبل تكون لنا فيه امالنا التي نسعى الى تحقيقها مستمرين بسعينا من أجل ذلك .


وحول هذين الاختيارين تأتي وجهة النظر الآتية :

من حق الإنسان أن يعود في تذكر ماضيه وما أنجزه وهو يرويه لأبنائه وغيرهم بلباقة ومناسبة ودون مبالغة حتى لو تجاوز ذلك إلى أعمال آبائه وأجداده طالما أحس حاجة في ذلك أو شعر بفخر فيه أو وجد فيه عبرة . كما أنه له الحق كذلك لا بل وعليه الواجب أن يستمر في حلمه بمستقبل أبنائه وأعمالهم الصالحة والمتميزة دونما تجاوز الى أوهام أو اثقال غير واقعي أو منطقي . وهكذا فإن الحنين الى الماضي هو مسألة إنسانية نتلمسها في حكايات كبارنا ونسمعها في أغانيهم القديمة ونشاهدها في ملابسهم و"ألبومات" صورهم وحبهم لآثاثهم المنزلي وكتبهم وغيرها من أشيائهم النفيسة والغالية على قلوبهم . في حين نقرأ في تطلعات أجيالنا الجديدة التحديق في القادمات من الأيام وفي أحلام غدهم التي نعاونهم نحن الكبار على تحقيقها .



تعليقات

أحدث أقدم