المخدرات تغزو المدن العراقية.. أزمة صفر-واحد تتفاقم بين الحدود والميليشات

مشاهدات



في أسبوع واحد أحبطت السلطات العراقية عدة محاولات لتهريب كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون المخدرة قادمة من جهة الحدود مع سوريا في وقت تكافح فيه السلطات ظاهرة انتشار المخدرات بشكل متزايد في البلاد .
 

وكانت السلطات قد أعلنت يوم الثلاثاء عن إحباط محاولة تهريب مليون و800 ألف قرص كبتاغون كانت في حوزة تاجر مخدرات في بلدة القائم الواقعة في محافظة الأنبار غربي العراق سبقه أعلان خلية الإعلام الأمني إحباط عملية تهريب مماثلة يوم السبت تزامن ذلك مع تقرير أصدره معهد "نيو لاينز" للأبحاث ومقره واشنطن جاء فيه أن العقوبات الدولية المفروضة على سوريا خلال سنوات النزاع الداخلي دفعت النظام السوري إلى استخدام هذه التجارة وسيلة للبقاء سياسيا واقتصاديا إتهم فيه شخصيات مرتبطة بدمشق ومجموعات مسلحة متنوعة تنشط على الأراضي السورية من بينها حزب الله اللبناني بتنظيم تجارة الكبتاغون وبحسب التقرير فأن سوريا تعتبر المصدر الأبرز للكبتاغون منذ ما قبل اندلاع الحرب عام 2011 إلا أن النزاع نشط تصنيعه وجعله أكثر رواجا واستخداما وتصديرا . وباتت عائدات التهريب تفوق بشكل كبير عائدات الصادرات السورية الأخرى ما دفع إلى اعتبار سوريا "دولة مخدرات" عالمية ويعد العراق واحدا من أبرز الدول المحيطة بسوريا تأثرا بذلك . ويقول مصدر أمني مسؤول داخل وزارة الداخلية العراقية طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالحديث إن أحد الأسباب الرئيسية لدخول المواد المخدرة من سوريا هو التلكؤ في حفظ النظام على الحدود . وكان العراق أعاد في سبتمبر 2019  فتح معبر القائم الحدودي مع سوريا بعد ثماني سنوات من إغلاقه وسط اضطرابات في المنطقة وأرجع الخلل الأمني في تأمين الحدود إلى ما يشهده العراق وسوريا من أعمال عسكرية تسهل على المهربين إدخال المخدرات على حد قوله فالعراق بلد محتل بصورة غير مباشرة من دول أخرى وأصبح أرضا سهلة وبسيطة لتجار المخدرات وكبار المهربين سواء من جانب الحدود مع سوريا أو الحدود مع إيران . وتشير وزارة الداخلية العراقية إلى أن مواد الكريستال والحشيشة وحبوب الكبتاغون تعد من أبرز أنواع المخدرات المتداولة في العراق . وبحسب تصريح أدلى به مدير قسم العلاقات والإعلام في مديرية مكافحة المخدرات في الوزارة العقيد بلال صبحي ونقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية في فبراير الماضي تدخل مادتا الكريستال والحشيشة إلى العراق نحو محافظتي ميسان والبصرة (في جنوب العراق) قادمة من إيران في حين تدخل حبوب الكبتاغون والمؤثرات العقلية عن طريق سوريا نحو محافظة الأنبار . ومثّل فتح معبر القائم الحدودي مكسبا لإيران حليفة كل من العراق وسوريا ما عزز نفوذها المتنامي على ممر أرضي يمتد من طهران إلى بيروت . والقائم متاخمة لبلدة البوكمال السورية وتقع البلدتان على طريق إمدادات استراتيجي وعلى الجانب العراقي من المعبر تنتشر قوات الحشد الشعبي التي تتشكل في معظمها من فصائل تدعمها إيران .

 

ونقل تلفزيون السومرية عن قائد عمليات الأنبار للحشد الشعبي قاسم مصلح قوله في بيان إنه بتعاون استخباري بين الحشد الشعبي وشرطة الأنبار تمكنا من ضبط شخص بحوزته مليون حبة مخدرة في إشارة إلى عملية الثلاثاء الماضي . بينما لم يذكر البيان الرسمي الصادر عن المديرية العامة لمكافحة المخدرات والذي نشرته الوكالة الرسمية مشاركة الحشد الشعبي في العملية . وكان الجيش العراقي اعتقل مصلح في مايو الماضي بتهمة  التورط في اغتيال ناشطين قبل أن يُفرج عنه بعد أسبوعين من اعتقاله . وقال موقع محلي سوري معارض إن الحدود السورية العراقية وخاصة معبر السكك غير الشرعي الواقع جنوبي معبر البوكمال شرقي دير الزور شهد في الأشهر الماضية حالات اشتباك وخلافات بين فصائل الحشد الشعبي العراقي والميليشيات الموالية لإيران بسبب خلافهم على تجارة المخدرات وفقا للموقع يقول المصدر الأمني هناك كثير من المهربين ينتمون لأحزاب وميليشيات مشددا على أن انتشار الميليشيات من أكبر التحديات التي تواجه المنظومة الأمنية العراقية عند مكافحة المخدرات .  وعما إذا كانت السلطات تأخذ تقرير نيو لاينز بعين الاعتبار قال  : العراق على اتصالات مباشرة مع كافة الدول العربية المحيطة والمجاورة له ومنها دول الخليج العربي .ويباع الكبتاغون مقابل ما بين 3 دولارات و 7 للحبة الواحدة في سوريا والعراق ولبنان ويمكن أن يصل سعرها إلى 25 دولارا في الأسواق . ويقول المصدر الأمني إن العراق على اتصال أيضا بالجانب السوري الذي يدخل عبر حدوده كمية كبيرة جدا من حبوب الكبتاغون المعروفة في العراق باسم (صفر- واحد) . أما من الجانب الإيراني فيقول : تكثر عمليات تهريب مخدرات الكريستال ميث المصنوعة وعن أكثر المناطق التي تنتشر فيها المخدرات في العراق، قال : المناطق الشعبية خاصة تلك التي في محيط بغداد مشيرا إلى الجهود الأمنية الكبيرة في هذه المناطق مؤخرا . ولم يحدد المصدر القيمة الإجمالية للمواد المخدرة التي جرت مصادرتها في العراق العام الماضي لكنه قال : الأجهزة الأمنية العراقية صادرت كميات كبيرة جدا قادمة من المناطق الجنوبية والمناطق الشمالية الغربية . ويشير التقرير إلى أن لبنان يمثل امتدادا لتجارة المخدرات السورية ونقطة عبور رئيسية لدفعات الكبتاغون المهرب حيث يشارك قادة حزب الله المرتبطون بالحكومة السورية في توسيع أسواق الكبتاغون وتنشط في لبنان مصانع صغيرة لانتاج الكبتاغون  وفقا للتقرير لكن سوريا هي مركز الصناعة واسعة النطاق وأعلنت  السلطات اللبنانية يوم الاربعاء ضبط شحنة من مخدر الحشيش كانت معدة للتهريب في صناديق سلع استهلاكية وقال مصدر أمني لبناني  إن عمليات الضبط التي جرت مؤخرا وما تبعها من تحقيقات لم تكشف عن أي ارتباط بالعراق لا في خطوط التهريب ولا في ارتباط العصابات وبالتالي ليس هناك أي ملف مفتوح لدى الأجهزة الأمنية مرتبط مباشرة بقضية الكبتاغون المضبوط في العراق مؤخرا  ورجح المصدر أن تكون سوريا المصدر المباشر لهذه المضبوطات. وحتى لو جرى تصنيعه في لبنان وهذا ما لا يمكن حسمه بسهولة سيكون قد مر بتخزين في سوريا ومنها جرى تهريبه لاسيما وأنه وصل برا إلى العراق إضافة إلى أن مقاربة القضية من الناحية المنطقية تفيد أن الإنتاج في سوريا أكبر والمسافة بينها وبين العراق أقرب ما يمثل لعصابات التهريب توفيرا في الوقت والنقل والمخاطرة الأمنية . ونبه إلى أن ذلك لا يمنع أي فرضية محتملة في عمل هذه العصابات قد يكون المصدر لبنان وقد لا يكون من الصعب تحديد ذلك في ظل عدم وجود أي معطيات او تحقيقات مرتبطة بقضية العراق التي لا تزال حديثة جداً . ولفت المصدر إلى أن التنسيق الأمني قائم دائما مع السلطات الأمنية في الخارج في سياق مكافحة المخدرات عموماً وفي ملف الكبتاغون خصوصا والسلطات العراقية ضمناً حيث هناك تاريخ قديم من التنسيق بينها وبين الأجهزة اللبنانية ولكن مؤخراً ليس هناك أي تنسيق مباشر حول هذه القضية بالتحديد أو قضية مشتركة في هذا الملف.وحول ما ورد في تقرير نيو لاينز عن كون لبنان مصدرا ثالثا لنبتة الحشيش حول العالم يقول مصدر أمني لبناني ثان طالبا عدم الكشف عن هويته ليس لدينا معطيات حول الترتيب العالمي للبنان ولكن صحيح أن لبنان يمثل مصدرا رئيسيا على الصعيد العالمي لمادة حشيشة الكيف وأن المشكلة بدأت بالظهور مع بداية الحرب السورية حيث نشط إنتاجه في سوريا وتهريبه إلى لبنان من ثم تصنيعه في لبنان وازدهرت هذه العمليات خلال اشتداد الأزمة السورية والأحداث الأمنية على الحدود الشرقية مع لبنان والتي تركت نوعا من الفلتان في مرحلة معينة على الحدود لكن وبعدما هدأت الأمور اليوم في سوريا وشددت الأجهزة الأمنية ملاحقاتها وعمليات الضبط، هربت تلك العصابات بمعامل إنتاجها وأنشطتها إلى الجانب السوري لاسيما بعد فتح الحدود البرية والبحرية على سوريا حيث بات بإمكانهم الخروج من هناك نحو الأسواق العالمية للكبتاغون وبالتالي لم يعد هناك داع ليكون لبنان المعبر الوحيد كما في السابق . هذا لا ينفي بالطبع أنه لا يزال هناك جزء صغير من هذه المعامل والعصابات تنشط على الأراضي اللبنانية والأجهزة الأمنية تتابعها بجهود حثيثة ومثمرة ولكن بدرجة أقل بكثير مما كان الوضع عليه سابقا .

شهادة مهرب مخدرات
ويقول احد اصحاب المكابس ويعمل في تجارة المخدرات إن إنتاج هذه الحبوب عملية مختلفة جدا عن تهريبها وبالتالي المعامل التي تنتج عادة ما تؤمن طلبيات معينة يتقدم بها المهربون أو المروجون دون أن نعلم وجهتها إلى أين يطلبون مثلا مليون حبة ننتجها في وقت معين ونسلمها للتاجر أو المهرب أو المروج ومن بعدها ينتهي دورنا ونتقاضى ثمن الطلب وتخرج عن مسؤوليتنا تماما فيما بعد يقرر المستلم أي يذهب بهم وكيف يهربهم ويستبعد أن يكون لبنان مصدرا للشحنة المضبوطة في العراق لأسباب لوجستية تتعلق ببعد الطريق إضافة إلى كون كمية الإنتاج في سوريا أكبر بكثير لكنه في الوقت نفسه لا ينفي أن العراق كما غيره من الدول هي عبارة عن أسواق مستهدفة بعملية الإنتاج  شارحا أينما وجد طلب يصبح سوقا وقد يكون العراق أيضا محطة لتهريبها إلى دول أخرى ليس من السهل معرفة ذلك إلا من خلال المعني مباشرة بالشحنة وارتباطاته ونواياه ويلفت قاسم إلى أن هذا الواقع دائما ما يتسبب بتوريط تجار وكشف معامل لكون المهربين أو التجار يتسلمون شحنات يفترض أن تكون لها وجهة معينة من البقاع إلى بيروت مثلا من ثم يتم ضبطها في سوريا في دول أخرى وتكر سبحة الاعترافات وصولا لكشف هوية التاجر أو المصنع لذا نفضل التعامل المحلي خاصة أن سعر المبيع لدينا لا يختلف بحسب الوجهة وبالتالي من يحقق الأرباح هي عصابات التهريب .

 

المصدر : الحرة


تعليقات

أحدث أقدم