ملاحظات حول الانظمة الأمنية للدول

مشاهدات




 الدكتور نزار محمود


ليس هناك من نظام سياسي أو سلطة دولة وأي شكل من تنظيمات سياسية أو عسكرية قديماً أو حديثاً يخلو من نشاط أمني . فلكل نظام أو تشكيل قوى محلية أو أجنبية معارضة ومتقاطعة مع ذلك النظام أو التشكيل تسعى لتحقيق مصالحها من خلال نشاطات وفعاليات يعتبرها ذلك النظام أو التشكيل مخلة بمفهومه لأمنه أو أمن شعبه أو جماعته . من أجل ذلك تجتهد الأنظمة والتشكيلات في بناء اجهزتها الأمنية وتنوعها لا بل وبالتعشيق مع نشاطاتها التجسسية الدفاعية منها والهجومية. بيد أن مفهوم الأمن وأهدافه الخاصة وطرقه وادواته ومؤسساته تختلف  وقبل كل شيء من كونه أمن نظام أو سلطة أو قيادة وبين أمن شعوب ودول . ومع تطور تقنيات الاتصالات وثورة المعلوماتية والرقمية فقد تطورت معها ادوات وطرق التجسس كثيراً في اطار مهامها الأمنية الاستباقية . فلم يعد مشهد المخبر التقليدي وهو يجلس في مقهى متنصتاً الى حديث اثنين وقد وضع قبعة على رأسه ونظارة سوداء على عينيه مخفياً وجهه خلف جريدة يتظاهر بقراءتها بالصورة المألوفة في عالم التجسس والأمن . اليوم يكفيه ان يجلس وراء شاشة حاسوبه ليرى ويسمع ما يدور في مكاتب "مقفلة" تبعد عنه آلاف الأميال . ما يهمنا في هذا المقال كذلك هو التركيز على نمطين من الأمن :

⁃ أمن الأنظمة السياسية.

⁃ أمن الشعوب .


نريد بأمن الانظمة هو أمن النظام السياسي وقادته ومؤسساته في حين نريد بأمن الشعوب الامن الحياتي والغذائي والبيئي والتاريخي والاقتصادي والتكنولوجي والسيادي والحضاري بصورة عامة وأمن مستقبل أجيالها.

غير انه يصعب الفصل بين أمن الأنظمة التي تهمها مصالح أمن شعوبها وبين أمن تلك الشعوب وهو ما يميز الدول في اهداف وأخلاقيات انظمتها الأمنية ومؤسساتها. ان الفروق في الانظمة الامنية بين الدول تنعكس في ما تتضمنه تقاريرها الامنية السرية والعلنية منها التي تقوم بنشرها أو ما يمكن الوقوف عليه من حيث اهدافها وفعالياتها ومؤسساتها وطرق وأساليب عملها وحجم ميزانياتها المخصصة لعملها . 


ففي حين تركز بعض الدول على فعاليات اجهزتها الامنية في التجسس على انظمة التسلح والتطورات التقنية والاقتصادية وهياكل انظمة الدول الاخرى وقواها السياسية والاعلامية تذهب الاخرى الى متابعة معارضيها من افراد وأحزاب وصحف ومنشورات وخطابات ضد قياداتها ومؤسسات حكمها. ولهذا نجد ان عناصر الامن لتلك الدول الثانية يذهب مع الريح حين تنتهي ولاية انظمتها السياسية على خلافها في حالات الدول الأخرى ذات الأجهزة الأمنية المؤسسية التي تقوم على خدمة أمن شعوبها.



تعليقات

أحدث أقدم