تصدر الرتل العسكري الروسي الضخم الذي يمتد نحو 60 كيلومترا والمتجه إلى كييف وسائل الإعلام منذ أيام وتساءل تقرير لمجلة إيكونوميست عن سبب توقف هذا الرتل . ولم تتمكن هذه القوات من دخول العاصمة كييف بعد 10 أيام على بداية الحرب رغم ترسانتها العسكرية الضخمة مقارنة بالجيش الأوكراني . فمنذ بداية الحرب كان الهدف إحتلال العاصمة حيث انطلقت القافلة وهدفها الدخول إلى العاصمة الأوكرانية كإشارة على سيطرتها على البلاد . لكنها توقفت عدة مرات خلال طريقها بفعل الضربات الأوكرانية والخسائر الفادحة التي تكبدتها في المعدات والجنود . وبالنظر إلى طولها والعتاد الثقيل الذي تحمله فقد كانت تسير بخطى ثقيلة . وتمتد الآن من مدينة بريبيرسك بالقرب من تشيرنوبيل وصولا إلى مطار أنتونوف حيث أوقعت القوات الأوكرانية أول مروحية روسية في اليوم الأول من الحرب . وفي الثالث من مارس قالت المخابرات البريطانية عن إن القافلة أحرزت تقدمًا طفيفًا وبعد ذلك بيوم أكد مسؤول دفاعي أميركي المعلومة مشيرًا إلى أنها أصبحت على بعد 25 كيلومترًا من وسط كييف .
لكنها لم تصل حتى الآن .. فما السبب ؟
في نظر خبراء عسكريين ربما يكون السبب هو اللوجستيات حيث تكافح وحدات الوقود والهندسة وغيرها من آليات الإمداد الروسية لمواكبة الخطوط الأمامية وهو سر تركها بعض المركبات عالقة على الطريق . ويُظهر مقطع فيديو جرارات أوكرانية تسحب بفرح ما قيل إنه آليات تم التخلي عنها تابعة لأنظمة الدفاع الجوي الروسية والمركبات المدرعة . وفي مقال نُشر على موقع War on the Rocks في نوفمبر أشار أليكس فيرشينين ضابط سابق بالجيش الأميركي إلى أن الوحدات الروسية أثقل بكثير في المدفعية والدفاعات الجوية من نظيراتها في الناتو وهذا يجعل الخدمات اللوجستية أكثر صعوبة فالوحدة التي تطلق 4000 قذيفة في اليوم تحتاج إلى 50 شاحنة في اليوم لإعادة تزويدها . وخلص إلى أن الجيش الروسي لن يكون لديه عدد كافٍ من الشاحنات لتلبية متطلباته اللوجستية . فتوفير قوة غزو كبيرة في بلد ضخم من شأنه أن يُجهد أي جيش لكن روسيا لديها المزيد من المشاكل حسبما يلاحظ ميك رايان وهو لواء متقاعد قاد كلية الدفاع الأسترالية حتى وقت قريب ويقول في الصدد : يبدو أن الروس قد ثبّتوا أنفسهم على الطرق وهذا أدى إلى إبطائهم . ويشير رايان إلى مثال عملية ماركت غاردن في عام 1944 وهي عملية قام بها الحلفاء تضمنت الاستيلاء على المعابر فوق نهر الراين في الحرب العالمية الثانية . وعانت وقتها إحدى الفرق البريطانية من تقدم شاق ومضني على طريق ضيق ذو أرض وعرة . وقد يكون تكرار روسيا لهذا الخطأ نتيجة لخلل عسكري أعمق يقول ترينت تلينكو المدقق السابق لوكالة إدارة عقود الدفاع الأميركية . ولدى تحليله لمقاطع فيديو لنظام الدفاع الجوي الروسي Pantsir-S1 الذي علق في الوحل واستولت عليه أوكرانيا قال أن إطارات هذا النظام كانت بحاجة إلى تحرك دوري لممارسة نظام النفخ وتجنب تعريض أي جزء لأشعة الشمس المستمرة لكن ذلك لم يحدث وهو سر تثاقله . وقد يعكس عدم قيام القوات الروسية بهذه الصيانة الأساسية بسبب الفساد المستشري . ففي عام 2019 قال المدعون العسكريون الروس إن الخسائر الناجمة عن الفساد قد تصاعدت وتجاوزت حوالي 109 ملايين دولار في ذلك الوقت. وتفشل عادة الإطارات المهملة في اختراق الطين ويجب أن تمر على المسارات المرصوفة حتى تتمكن من السير. وتظهر صور القافلة شاحنات مزدحمة على الطريق ثلاث منها متجاورة تمنع أي شيء من المرور . وفي بعض الحالات أحدث الجنود الروس ثقوبًا في خزانات الوقود لتجنب استيلاء الأوكرانيين عليها . يقول المسؤولون الغربيون إن المشكلة الأكبر ليست أن أوكرانيا فجرت جسورًا رئيسية لكن الوحدات الروسية هي من لم تكن قادرة على تجاوز الازدحام لبناء جسور جديدة . في غضون ذلك لا تزال القوات الأوكرانية تسيطر على الأجواء وقد ضربت طائراتها بدون طيار التركية TB2 القوات الروسية في أجزاء عديدة من البلاد . وأظهرت صور التقطتها أقمار صناعية في أوكرانيا الرتل العسكري الروسي الهائل الذي يزيد طوله عن 60 كلم والمتقدم باتجاه العاصمة كييف .
ونشرت شركة ماكسار الأميركية المتخصصة بالتصوير بواسطة الأقمار الاصطناعية وأرفقتها برسالة قالت فيها إن الرتل يمتد من تخوم مطار أنتونوف (حوالي 25 كيلومتراً من وسط كييف) في الجنوب إلى تخوم بريبيرسك في الشمال . وأوضحت ماكسار أن الرتل الذي يمتد بطول حوالى 64 كيلومترا يتألف من مركبات جزء منها يسير بعيدا بعض الشيء عن بعضه البعض والجزء الآخر يسير جنبا إلى جنب في صفّين أو ثلاثة صفوف متراصّة. وبدت في الصور صفوف طويلة من المركبات تسير خلف بعضها البعض على طرق في الريف الأوكراني وبقربها في بعض الأحيان دخان قالت الشركة إنّه ناتج عن حرائق في المباني المجاورة . ونشرت الشركة الأميركية من جهة ثانية صورا أخرى أظهرت انتشارا جديدا للقوات الروسية مكونا من مروحيات هجومية جاثمة وعربات عسكرية في بيلاروس على بُعد أقلّ من ثلاثين كيلومتراً من الحدود مع أوكرانيا . ومنذ بدأت القوات الروسية هجومها على أوكرانيا الخميس نجحت القوات الأوكرانية في الدفاع عن وسط العاصمة وصدّ الهجمات الروسية عليه . وفي اليوم العاشر على بدء الغزو لا يزال تقدم القوات الروسية بطيئا علما بأن هذه القوات تحتشد حول العاصمة .
المصدر : الحرة
إرسال تعليق