عميق هو بحر المرأة

مشاهدات




ضرغام الدباغ


المرأة بحر عميق لا قرار له ولا أعتقد أن أحداً بوسعه أن يزعم أنه قارئ جيد لخرائط المرأة وبوسعه أن يبحر بأمان في جنباتها البعيدة .

 

ذات يوم كنا جالسين في إحدى مقاهي برلين نتحدث عن الهموم ولا تغيب النساء عند ذكر الهموم فقال لي الصديق العزيز د. مصطفى هيكل (*) ويعيش ويعمل في ألمانيا بمراكز علمية مرموقة . انتحى بي جانباً وهمس في أذني .." أستطيع أن أفهم  شكواك ..!". قال لي لا تعتقد أن هناك رجل في العالم راض كل الرضا عن حياته مع شريكته لكن هناك من يستطيع أن يساير وهناك لاأقدر أن شريكتك لا تفهمك بدقة وأنت عالم ومثقف ثم لا تعتقد أن شريكتك لو كانت مثقفة سيتغير الحال كثيراً فعندما تصبح المرأة شريكتك لا فرق بين بروفسورة وفلاحة ... ربما الفلاحة أفضل ... ولا تعتقد مرة أخرى أن هناك فرقا كبيرا بين المرأة الألمانية والمرأة الشرقية هناك فن أسمه فن التحمل .. وبالتأكيد هناك مصيبة أهون من مصيبة ...!

 

في مطلع الستينات صدرت في بيروت رواية شهيرة للكاتب والمفكر الفرنسي هنري مونترلان أسمها " الفتيات " من أربعة أجزاء وكل جزء يحمل عنواناً خاصاً والكاتب مونترلان يعتبر مفكر المرأة والرواية يجب أن تقرأ فهي بتقديري من الأعمال الفذة وهي تدور بالإجمال عن رجل يخوض علاقات نسائية ويحلل شخصية ونفسية كل فتاة / إمرأة  يقيم معها صداقة / علاقة (**) ومن يقرأ  هذه الرواية بأجزائها الأربعة يكتشف بعضاً من عالم المرأة العجيب ....! في مطلع شبابي(الستينات) كنت في قمة أنهماكي بالقراءة وقضايا الثقافة . اعتقدت في فتاة لطيفة ومهذبة جداً أنها ستكون شريكتي المناسبة ونحن في العراق والمشرق عموماُ (على الأقل في زماننا) لا تتاح لنا فرصة للتعرف بدقة على شريكة عمرك لذلك فقدر المجازفة إذن كبير على أية حال فظننت أنها الشريكة المنشودة وخطبتها وبعد أيام قلائل اكتشفت أن قدر معلوماتها ضئيل والفتاة وكانت على درجة من كبيرة من الخلق والتهذيب حاولت عبثاً أن تسايرني فابتدأت عملية الانحدار وأنا لا أنكر أنني لم أكن متفهماً وأنا كنت في تلك السن (25 عاماً) بركانا سياسيا ... وسلسلة لا تتوقف من الاكتشافات والاستطلاعات وسبر غور لا يتوقف لعوالم ,وآفاق... الفتاة المسكينة كانت لا تستطيع أن تسايرني ... فشكت همومها لشقيقتي الكبرى .. التي كانت تتوقع هذا المسار فنصحت خطيبتي أن تحاول أن تستوعبني فأجابتها إجابة ضحكت لها كثيراً " يا عيني خلي جان يخطب أنديرا غاندي " وما زلت أضحك لهذه الجملة . أخيرا تولى أبو حرب (ناظم كزار) حل المشكلة فأصدر أمر بألقاء القبض علي (تشرين الثاني / 1969) ولكني أفلت من قصر النهاية بأعجوبة .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) د. مصطفى هيكل كاتب وأستاذ من مصر العربية توفي في برلين بحادث سير مؤسف .
(**) نعم الكتاب متوفر في الأنترنيت مجاناً

 

تعليقات

أحدث أقدم