العراق : ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص .. أسباب ارتفاع معدلات الانتحار

مشاهدات

لا يكاد يمر يوم في العراق إلا ويتم فيه الإعلان عن تسجيل حالة انتحار وبمختلف المناطق في مؤشر مقلق للسلطات ويستوجب اهتماما أكبر بالصحة النفسية في البلاد وفقا لخبراء .


وشهدت الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي نحو 200 حالة بعضها نقل مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيما تؤكد وزارة الداخلية العراقية أن الحالات المسجلة عام 2021 بلغت 772 حالة وهي أكثر بنحو 100 حالة عن العام الماضي . ووفقا للمتحدث باسم الوزارة خالد المحنا فإن العدد آخذ بالارتفاع منذ عام 2016 خصوصا بين الفئات العمرية أقل من 20 سنة حيث كانت نسبتهم 36.6 في المئة ومن الـ 20 إلى 30 عاما كانت نسبتهم 32.2 في المئة أما نسبة الذكور فتشكل 55.9 في المئة والإناث 44.8 في المئة ويرى خبراء نفسيون عراقيون أن هناك عدة أسباب  منها انتشار تعاطي المخدرات وافتقار العراق إلى علاجات نفسية للذين يحاولون وضع حد لحياتهم . ويقول أستاذ الصحة النفسية لبيب صبحي إن انتشار تعاطي المخدرات بكثرة خلال السنوات الماضية يعد أحد أبرز الأسباب التي ادت لارتفاع  النسبة بنحو ثلاثة أضعاف مقارنة بخمس سنوات ماضية إضافة لتراجع الظروف الاقتصادية والبطالة ومؤخرا جائحة كورونا التي تسببت بأمراض نفسية كالاكتئاب والانفصام والوسواس وغيرها وأن الحروب والكوارث زادت من الضغوط النفسية في المجتمع وقلة مراكز الدعم والاستشارات فاقم من الأزمة ووفق منظمة الصحة العالمية يعاني واحد من كل أربعة عراقيين من هشاشة نفسية في بلد يوجد فيه ثلاثة أطباء نفسيين لكل مليون شخص في مقابل 209 أشخاص في فرنسا مثلا . وتشير المنظمة إلى أن واحدا من كل عشرة أشخاص تقريبا أي حوالي 792 مليون شخص على مستوى العالم يعانون من اضطراب نفسي أو اضطراب متعلق بتعاطي المواد المخدرة وهذا يشكل 10 في المئة من العبء العالمي المترتب على هذا المرض وفي العراق يتزايد الطلب على الخدمات النفسية وسط تفشي جائحة كوفيد-19 والتي لا تزال من المجالات ذات الأولوية القصوى التي تتطلب دعما مستمرا .


وتقول الخبيرة في مجال علم النفس هبة الكروي إن مستوى الثقافة النفسية في المجتمع العراقي متدنية جدا وهناك دائما سخرية من المريض النفسي وحتى الطبيب النفسي . وأن كثيرين يعتبرونه مجنونا أو مختلا عقليا وغيرها من الأوصاف التي تجعل منهم يترددون في الحصول على استشارة نفسية لان وصمة العار المرتبطة بالمرض العقلي تترك الكثير من العراقيين بلا حيلة حيث تعيش أسرهم في حالة من الإنكار وينقلونهم إلى غرف الطوارئ ويعرضونهم على الأطباء العاديين بدلا من الأطباء النفسيين . وتضيف الكروي أن العراق يعاني من قلة الأطباء النفسيين لأن الناس تلجأ في كثير من الأحيان لأطباء من اختصاصات أخرى أو للمشعوذين والدجالين مما يجعل الإقبال على دراسة الطب النفسي ضعيف جدا لقلة مردوده المالي . تقول منظمة الصحة العالمية إن إنفاق العراق على الصحة النفسية لا يتجاوز نسبة اثنين في المئة من ميزانيته للصحة رغم حقيقة أنه في مقابل كل دولار أميركي يستثمر في تعزيز علاج الاضطرابات الشائعة مثل الاكتئاب والقلق يتحقق عائد قدره خمسة دولارات أميركية في مجال تحسين الصحة والإنتاجية وتشير المنظمة إلى أن جائحة كوفيد-19 أبرزت العديد من القضايا ومن أهمها الصحة النفسية وعلاقتها بالرفاه العام وأن القيود المفروضة على الحركة والتجمعات وفقدان الوظائف ووفاة الأقارب والأحباء والانتشار الواسع للإصابات Covid-19 أثرت على الصحة النفسية للناس في كل مكان وانتشرت تقارير عن زيادة في العنف الأسري  وأكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية  أن الحكومة  شكلت لجانا متخصصة لدراسة الظاهرة والخروج بمعطيات تبين أسبابها ونسبتها مقارنة بدول الجوار وخلصت الدراسة إلى مجموعة من الحقائق وقدمت عدة توصيات ومنها ما يتعلق بتعزيز قسم الدعم النفسي في وزارة الصحة وزيادة الدعم المقدم من وزارة الشباب والرياضة لأفراد المجتمع بهدف المساهمة في إشغال وقتهم ومساعدتهم على ممارسة هواياتهم . ويقول فارس الموسوي الطبيب النفسي إن في العراق لا توجد سوى مستشفى واحد للتعامل مع المشاكل النفسية وهو غالبا ما يكون للمرضى المصابين باضطرابات عقلية ويعرف محليا باسم مستشفى المجانين . ويضيف أن هناك عدة حلول يمكن اللجوء لها منها نشر ثقافة الطب النفسي وجعلها أسلوب حياة حالها حال الذهاب للطبيب العادي وإنهاء مسألة وصمة العار التي تسود في المجتمع عند الحديث عن الحاجة للحصول على استشارة نفسية ويتابع ان دور الحكومة ضعيف في هذا الجانب حيث نحتاج إلى دمج الصحة النفسية بالرعاية الأولية ليتمكن الجميع من الحصول عليها .


المصدر : وكالات


تعليقات

أحدث أقدم